الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : قِيلَ : كَانَتْ هَذِهِ الْمَدِينَةُ أَيْلَةَ، مِنْ أَعْمَالِ مِصْرَ.
وَقِيلَ : كَانَتْ طَبَرِيَّةَ مِنْ أَعْمَالِ الشَّامِ.
وَقِيلَ : مَدْيَنَ ؛ وَرَبُّك أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي سَبَبِ مَسْخِهِمْ، فَقِيلَ : إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ الصَّيْدَ يَوْمَ السَّبْتِ، ثُمَّ ابْتَلَاهُمْ بِأَنْ تَكُونَ الْحِيتَانُ تَأْتِي يَوْمَ السَّبْتِ شُرَّعًا أَيْ : رَافِعَةً رُءُوسَهَا فِي الْمَاءِ يَنْظُرُونَ إلَيْهَا، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْأَحَدِ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ الْأَيَّامِ طَلَبُوا مِنْهَا حُوتًا وَاحِدًا لِلصَّيْدِ فَلَمْ يَجِدُوهُ ؛ فَصَوَّرَ عِنْدَهُمْ إبْلِيسُ أَنْ يَسُدُّوا أَفْوَاهَ الْخُلْجَانِ يَوْمَ السَّبْتِ حَتَّى إذَا أَمْسَوْا، وَأَرَادَتْ الْحِيتَانُ أَنْ تَرْجِعَ إلَى النَّهْرِ الْأَعْظَمِ وَإِلَى غَمْرَةِ الْبَحْرِ لَمْ تَجِدْ مَسْلَكًا، فَيَأْخُذُونَهَا فِي سَائِرِ الْأَيَّامِ ؛ فَفَعَلُوا ذَلِكَ فَمُسِخُوا.
وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْقِصَّةِ عَنْ بَعْضِ أَشْيَاخِهِ، قَالَ : كَانَتْ تَأْتِيهِمْ يَوْمَ السَّبْتِ، فَإِذَا كَانَ الْمَسَاءُ ذَهَبَتْ فَلَا يُرَى مِنْهَا شَيْءٌ إلَى السَّبْتِ الْآخَرِ، فَاِتَّخَذَ لِذَلِكَ رَجُلٌ مِنْهُمْ خَيْطًا وَوَتَدًا، فَرَبَطُوا حُوتًا مِنْهَا فِي الْمَاءِ يَوْمَ السَّبْتِ، حَتَّى إذَا أَمْسَوْا لَيْلَةَ الْأَحَدِ أَخَذَهُ فَاشْتَوَاهُ، فَوَجَدَ النَّاسُ رِيحَهُ، فَأَتَوْهُ فَسَأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ فَجَحَدَهُمْ، فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى قَالَ لَهُمْ : إنَّهُ جِلْدُ حُوتٍ وَجَدْنَاهُ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ السَّبْتِ الْآخَرِ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَلَا أَدْرِي لَعَلَّهُ قَالَ ثُمَّ رَبَطَ حُوتَيْنِ، فَلَمَّا أَمْسَى مِنْ لَيْلَةِ الْأَحَدِ أَخَذَهُ وَاشْتَوَاهُ، فَوَجَدُوا رِيحَهُ، فَجَاءُوهُ، فَقَالَ لَهُمْ : لَوْ شِئْتُمْ صَنَعْتُمْ كَمَا أَصْنَعُ.
قَالُوا : وَمَا صَنَعْت ؟ فَأَخْبَرَهُمْ، فَفَعَلُوا مِثْلَ مَا فَعَلَ، حَتَّى كَثُرَ ذَلِكَ، وَكَانَتْ لَهُمْ مَدِينَةٌ لَهَا رَبَضٌ يُغْلِقُونَهَا عَلَيْهِمْ، فَأَصَابَهُمْ مِنْ الْمَسْخِ مَا أَصَابَهُمْ، فَغَدَا إلَيْهِمْ جِيرَانُهُمْ مِمَّنْ كَانَ حَوْلَهُمْ


الصفحة التالية
Icon