الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ : قَوْله تَعَالَى ﴿ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ﴾ : وَهِيَ : رَجَبٌ الْفَرْدُ، وَذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ.
ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :﴿ إنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ : ثَلَاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ : ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ ؛ وَرَجَبٌ ﴾.
وَفِي رِوَايَةٍ :﴿ وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ ﴾.
وَقَوْلُهُ :﴿ حُرُمٌ ﴾ جَمْعُ حَرَامٍ، كَأَنَّهُ يُوجِدُ احْتِرَامَهَا بِمَا مَنَعَ فِيهَا مِنْ الْقِتَالِ، وَأَوْقَعَ فِي قُلُوبِ النَّاسِ لَهَا مِنْ التَّعْظِيمِ.
وَمَعْنَى قَوْلِهِ :" رَجَبُ مُضَرَ " فَبِمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ أَنَّ بَعْضَ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ، وَأَحْسِبُهُ مِنْ رَبِيعَةَ، كَانُوا يُحَرِّمُونَ شَهْرَ رَمَضَانَ وَيُسَمُّونَهُ رَجَبَ، فَأَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَخْصِيصَهُ بِالْبَيَانِ بِاقْتِصَارِ مُضَرَ عَلَى تَحْرِيمِهِ.
وَقَدْ رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ :﴿ وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ ﴾.
وَذَلِكَ كُلُّهُ بَيَانٌ لِتَحْقِيقِ الْحَالِ، وَتَنْبِيهٌ عَلَى رَفْعِ مَا كَانَ وَقَعَ فِيهَا مِنْ الِاخْتِلَالِ.