الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : قَوْلُهُ :﴿ إلَّا تَنْصُرُوهُ ﴾ : يَعْنِي يُعِينُوهُ بِالنَّفِيرِ مَعَهُ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ بِصَاحِبِهِ أَبِي بَكْرٍ، وَأَيَّدَهُ بِجُنُودِ الْمَلَائِكَةِ.
رَوَى أَصْبَغُ، وَأَبُو زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ :﴿ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إذْ هُمَا فِي الْغَارِ إذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾ هُوَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ.
قَالَ : فَرَأَيْت مَالِكًا يَرْفَعُ بِأَبِي بَكْرٍ جِدًّا لِهَذِهِ الْآيَةِ.
قَالَ : وَكَانُوا فِي الْهِجْرَةِ أَرْبَعَةً، مِنْهُمْ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ، وَرُقَيْطُ الدَّلِيلُ.
قَالَ غَيْرُ مَالِكٍ : يُقَالُ أُرَيْقِطُ قَالَ الْقَاضِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : فَحَقٌّ أَنْ يَرْفَعَ مَالِكٌ أَبَا بَكْرٍ بِهَذِهِ الْآيَةِ، فَفِيهَا عِدَّةُ فَضَائِلَ مُخْتَصَّةٍ لَمْ تَكُنْ لِغَيْرِهِ، مِنْهَا قَوْلُهُ : إذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ، فَحَقَّقَ لَهُ تَعَالَى [ قَوْلَهُ لَهُ ] بِكَلَامِهِ، وَوَصَفَ الصُّحْبَةَ فِي كِتَابِهِ مَتْلُوًّا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
وَمِنْهَا قَوْلُهُ :﴿ إنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾.
وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ فِي الْغَارِ :﴿ يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا ظَنُّك بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهَا ؟ ﴾ وَهَذِهِ مَرْتَبَةٌ عُظْمَى، وَفَضِيلَةٌ شَمَّاءُ، لَمْ يَكُنْ لِبَشَرٍ أَنْ يُخْبِرَ عَنْ اللَّهِ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ ثَالِثُ اثْنَيْنِ، أَحَدُهُمَا أَبُو بَكْرٍ، كَمَا أَنَّهُ قَالَ مُخْبِرًا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ ثَانِيَ اثْنَيْنِ.
وَمِنْهَا قَوْلُهُ :﴿ لَا تَحْزَنْ إنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾.
وَقَالَ مُخْبِرًا عَنْ مُوسَى وَبَنِي إسْرَائِيلَ :﴿ كَلًّا إنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾.
قَالَ لَنَا أَبُو الْفَضَائِلِ الْمُعَدِّلُ : قَالَ لَنَا جَمَالُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْقَاسِمِ قَالَ مُوسَى :﴿ كَلًّا إنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾ وَقَالَ فِي مُحَمَّدٍ وَصَاحِبِهِ :﴿ لَا تَحْزَنْ إنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾.
لَا جَرَمَ لَمَّا كَانَ اللَّهُ مَعَ مُوسَى وَحْدَهُ ارْتَدَّ أَصْحَابُهُ بَعْدَهُ، فَرَجَعَ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ،


الصفحة التالية