الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ : اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْمِقْدَارِ الَّذِي يَأْخُذُهُ الْعَامِلُونَ مِنْ الصَّدَقَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ : الْأَوَّلُ : قِيلَ : هُوَ الثُّمُنُ بِقِسْمَةِ اللَّهِ لَهَا عَلَى ثَمَانِيَةِ أَجْزَاءٍ ؛ قَالَ مُجَاهِدٌ وَالشَّافِعِيُّ.
وَهَذَا تَعْلِيقٌ بِالِاسْتِحْقَاقِ الَّذِي سَبَقَ الْخِلَافُ فِيهِ، أَوْ بِالْمَحَلِّيَّةِ، وَمَبْنِيٌّ عَلَيْهِ.
الثَّانِي : يُعْطَوْنَ قَدْرَ عَمَلِهِمْ مِنْ الْأُجْرَةِ ؛ قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ وَمَالِكٌ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي الْأَصْلِ الَّذِي انْبَنَى عَلَيْهِ هَذَا، وَالْكَلَامُ عَلَى تَحْقِيقِهِ.
الثَّالِثُ : أَنَّهُمْ يُعْطَوْنَ مِنْ غَيْرِ الزَّكَاةِ، وَهُوَ مَا كَانَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ.
وَهَذَا قَوْلٌ صَحِيحٌ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي أُوَيْسٍ، وَدَاوُد بْنِ سَعِيدٍ ؛ وَهُوَ ضَعِيفٌ دَلِيلًا ؛ فَإِنَّ اللَّهَ أَخْبَرَ بِسَهْمِهِمْ فِيهَا نَصًّا، فَكَيْفَ يُخَلِّفُونَ عَنْهُ اسْتِقْرَاءً وَسَبْرًا.
وَالصَّحِيحُ الِاجْتِهَادُ فِي قَدْرِهِ ؛ لِأَنَّ الْبَيَانَ فِي تَعْدِيدِ الْأَصْنَافِ إنَّمَا كَانَ لِلْمَحَلِّ لَا لِلْمُسْتَحِقِّ.