الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ : إذَا جَاءَ الرَّجُلُ وَقَالَ : أَنَا فَقِيرٌ، أَوْ مِسْكِينٌ، أَوْ غَارِمٌ، أَوْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ ابْنُ السَّبِيلِ، هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ، أَمْ يُقَالُ لَهُ : أَثْبِتْ مَا تَقُولُ ؟ فَأَمَّا الدَّيْنُ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَثْبُتَ.
وَأَمَّا سَائِرُ الصِّفَاتُ فَظَاهِرُ الْحَالِ يَشْهَدُ لَهَا وَيُكْتَفَى بِهِ فِيهَا.
ثَبَتَ ﴿ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ إلَيْهِ قَوْمٌ ذَوُو حَاجَةٍ مُجْتَابِي النِّمَارِ، فَحَثَّ عَلَى الصَّدَقَةِ عَلَيْهِمْ ﴾.
وَفِي حَدِيثٍ : أَبْرَصُ وَأَقْرَعُ وَأَعْمَى قَالَ مُخْبِرًا عَنْهُمْ :﴿ إنَّا عَلَى مَا تَرَى ﴾.
فَاكْتَفَى بِظَاهِرِ الْحَالِ.
وَكَذَلِكَ ابْنُ السَّبِيلِ يُكْتَفَى بِغُرْبَتِهِ، وَظَاهِرِ حَالَتِهِ، وَكَوْنُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَعْلُومٌ بِفِعْلِهِ لِذَلِكَ وَرُكُونِهِ فِيهِ.
وَإِنْ قَالَ : أَنَا مُكَاتَبٌ أَثْبَتَ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الرِّقُّ حَتَّى يُثْبِتَ الْحُرِّيَّةَ أَوْ سَبَبَهَا.
وَإِنْ ادَّعَى زِيَادَةً عَلَى الْفَقْرِ عِيَالًا، فَقَالَ الْقَرَوِيُّونَ : يَكْشِفُ عَنْ ذَلِكَ إنْ قَدَرَ، وَهَذَا لَا يَلْزَمُ ؛ لِأَنَّ حَدِيثَ أَبْرَصَ وَأَعْمَى وَأَقْرَعَ ذَكَرَ ذَلِكَ عَنْهُمْ وَأَنَا ابْنُ سَبِيلٍ أَسْأَلُك بَعِيرًا أَتَبَلَّغُ عَلَيْهِ فِي سَفَرِي، وَلَمْ يُكَلِّفْهُ إثْبَاتَ السَّفَرِ، وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهُ ؛ فَصَارَ هَذَا أَصْلًا فِي دَعْوَى كُلِّ شَيْءٍ غَائِبٍ مِنْ هَذَا الْبَابِ.