أَفَأَنْتُمْ كَذَلِكَ ؟ قُلْنَا : لَا.
قَالَ : فَلَا عَلَيْكُمْ، أَنْتُمْ مِنْ ذَلِكَ بُرَآءُ.
قَالَ : ثُمَّ خَرَجْت مِنْ عِنْدِهِ فَقَضَيْت مَنَاسِكِي، ثُمَّ مَرَرْت بِالْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، فَقُلْت لَهُ : حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْك.
قَالَ : وَمَا هُوَ ؟ قُلْت : مَنْ كُنَّ فِيهِ فَهُوَ مُنَافِقٌ.
قَالَ : فَحَدَّثَنِي بِالْحَدِيثِ.
قَالَ : فَقُلْت : أَعْنَدَك فِيهِ شَيْءٌ غَيْرُ هَذَا ؟ قَالَ : لَا.
قُلْت : أَلَا أُحَدِّثُك حَدِيثًا حَدَّثَنِي بِهِ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، فَحَدَّثْته بِهِ، فَتَعَجَّبَ مِنْهُ، وَقَالَ : إنْ لَقِينَا سَعِيدًا سَأَلْنَاهُ عَنْهُ، وَإِلَّا قَبِلْنَاك.
} قَالَ الْقَاضِي : هَذَا حَدِيثٌ مَجْهُولُ الْإِسْنَادِ، وَأَمَّا مَعْنَاهُ فَفِيهِ نَحْوٌ مِنْ الْأَوَّلِ، وَهُوَ تَخْصِيصُهُ مِنْ عُمُومِهِ، وَتَحْقِيقُهُ بِصِفَتِهِ، أَمَّا قَوْلُهُ :﴿ إذَا جَاءَك الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إنَّك لَرَسُولُ اللَّهِ ﴾ الْآيَةَ، فَإِنَّهُ كَذِبٌ فِي الِاعْتِقَادِ، وَهُوَ كُفْرٌ مَحْضٌ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ :﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ ﴾ فَهِيَ الْآيَةُ الَّتِي نَتَكَلَّمُ فِيهَا الْآنَ، وَهِيَ مُحْتَمِلَةٌ يُمْكِنُ أَنْ يَصْحَبَهَا الِاعْتِقَادُ، بِخِلَافِ مَا عَاهَدَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْعَهْدِ.
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِنِيَّةِ الْوَفَاءِ حِينَ الْعَهْدِ، وَطَرَأَ عَلَيْهِ ذَلِكَ بَعْدَ تَحْصِيلِ الْمَالِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ :﴿ إنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ ﴾.
وَقَوْلُهُ فِيهِ : إنَّ الْمُؤْمِنَ يُصَلِّي فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ، وَيَغْتَسِلُ وَيَصُومُ كَذَلِكَ، فَقَدْ يَتْرُكُ الصَّلَاةَ وَالْغُسْلَ تَكَاسُلًا إذَا أَسَرَّ، وَيَفْعَلُهَا رِيَاءً إذَا جَهَرَ وَلَا يُكَذِّبُ بِهِمَا، وَكَذَلِكَ فِي الصَّوْمِ مِثْلُهُ، وَلَا يَكُونُ مُنَافِقًا بِذَلِكَ، لِمَا بَيَّنَّاهُ مِنْ أَنَّ الْمُنَافِقَ مَنْ أَسَرَّ الْكُفْرَ، وَالْعَاصِي مَنْ آثَرَ الرَّاحَةَ، وَتَثَاقَلَ فِي الْعِبَادَةِ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : هَذَا فِيمَنْ كَانَ الْغَالِبُ عَلَيْهِ هَذِهِ الْخِصَالَ.
وَاَلَّذِي عِنْدِي أَنَّهُ لَوْ غَلَبَتْ عَلَيْهِ