الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ : هَذَا عُمُومٌ مُمَهَّدٌ فِي الشَّرِيعَةِ، أَصْلٌ فِي رَفْعِ الْعِقَابِ وَالْعِتَابِ عَنْ كُلِّ مُحْسِنٍ.
قَالَ عُلَمَاؤُنَا فِي الَّذِي يَقْتَصُّ مِنْ قَاطِعِ يَدِهِ فَيُفْضِي ذَلِكَ بِالسِّرَايَةِ إلَى إتْلَافِ نَفْسِهِ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : يَلْزَمُهُ الدِّيَةُ.
وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ : لَا دِيَةَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ فِي اقْتِصَاصِهِ مِنْ الْمُعْتَدِي عَلَيْهِ، فَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ.
وَكَذَلِكَ إذَا صَالَ فَحَلَّ عَلَى رَجُلٍ فَقَتَلَهُ فِي دَفْعِهِ عَنْ نَفْسِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَنَا ؛ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : يَلْزَمُهُ لِمَالِكِهِ قِيمَتُهُ، وَكَذَلِكَ فِي مَسَائِلِ الشَّرِيعَةِ كُلِّهَا.
وَقَدْ أَوْمَأْنَا إلَى ذَلِكَ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ، وَقَرَّرْنَا هَذَا الْأَصْلَ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ.