الْآيَةُ الْمُوفِيَةُ عِشْرِينَ : قَوْله تَعَالَى :﴿ أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدْ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ﴾.
فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ : الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : أَمْرُ اللَّهِ تَعَالَى بِالنَّظَرِ فِي آيَاتِهِ، وَالِاعْتِبَارِ بِمَخْلُوقَاتِهِ فِي أَعْدَادٍ كَثِيرَةٍ مِنْ آيِ الْقُرْآنِ، أَرَادَ بِذَلِكَ زِيَادَةً فِي الْيَقِينِ، وَقَوْلًا فِي الْإِيمَانِ، وَتَثْبِيتًا لِلْقُلُوبِ عَلَى التَّوْحِيدِ.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ ؛ قَالَ : قِيلَ لِأُمِّ الدَّرْدَاءِ : مَا كَانَ أَكْثَرُ شَأْنِ أَبِي الدَّرْدَاءِ ؟ قَالَتْ : كَانَ أَكْثَرُ شَأْنِهِ التَّفَكُّرَ.
قِيلَ لَهُ : أَفَتَرَى الْفِكْرَ عَمَلًا مِنْ الْأَعْمَالِ ؟ قَالَ : نَعَمْ.
هُوَ الْيَقِينُ.
وَقِيلَ لِابْنِ الْمُسَيِّبِ فِي الصَّلَاةِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ.
فَقَالَ : لَيْسَتْ هَذِهِ عِبَادَةً ؛ إنَّمَا الْعِبَادَةُ الْوَرَعُ عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ وَالْفِكْرُ فِي أَمْرِ اللَّهِ.
وَقَالَ الْحَسَنُ : تَفَكُّرُ سَاعَةٍ خَيْرٌ مِنْ قِيَامِ لَيْلَةٍ.


الصفحة التالية
Icon