الْآيَةُ الثَّانِيَةُ قَوْله تَعَالَى :﴿ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ ﴾.
فِيهَا خَمْسُ مَسَائِلَ : الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : فِي سَبَبِ نُزُولِهَا : رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ :﴿ كَانَتْ امْرَأَةٌ تُصَلِّي خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : لَا وَاَللَّهِ مَا رَأَيْت قَطُّ مِثْلَهَا.
قَالَ : فَكَانَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ إذَا صَلَّوْا تَقَدَّمُوا، وَبَعْضُهُمْ يَسْتَأْخِرُ، فَإِذَا سَجَدُوا نَظَرُوا إلَيْهَا مِنْ تَحْتِ أَيْدِيهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ الْآيَةَ ﴾.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : فِي شَرْحِ الْمُرَادِ بِهَا : فِيهَا خَمْسَةُ أَقْوَالٍ : الْأَوَّلُ : الْمُتَقَدِّمِينَ فِي الْخَلْقِ إلَى الْيَوْمِ، وَالْمُتَأَخِّرِينَ الَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بَعْدُ ؛ بَيَانًا ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَعْلَمُ الْمَوْجُودَ وَالْمَعْدُومَ ؛ قَالَهُ قَتَادَةُ وَجَمَاعَةٌ.
الثَّانِي : مَنْ مَاتَ، وَمَنْ بَقِيَ ؛ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ.
الثَّالِثُ : الْمُسْتَقْدِمِينَ [ مِنْ ] سَائِرِ الْأُمَمِ، وَالْمُسْتَأْخِرِينَ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ؛ قَالَهُ مُجَاهِدٌ.
الرَّابِعُ : قَالَ الْحَسَنُ : مَعْنَاهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ فِي الطَّاعَةِ وَالْمُسْتَأْخِرِينَ فِي الْمَعْصِيَةِ.
الْخَامِسُ : رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا أَنَّ مَعْنَاهُ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ فِي الصُّفُوفِ فِي الصَّلَاةِ وَالْمُسْتَأْخِرِينَ بِهَا حَسْبَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ ؛ وَكُلُّ هَذَا مَعْلُومٌ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ فَإِنَّهُ عَالِمٌ بِكُلِّ مَوْجُودٍ وَمَعْدُومٍ، وَبِمَا كَانَ [ وَبِمَا ] يَكُونُ وَبِمَا لَا يَكُونُ أَنْ لَوْ كَانَ كَيْفَ [ كَانَ ] يَكُونُ.