الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : إذَا ثَبَتَ أَنَّ التَّوَهُّمَ وَالتَّفَرُّسَ مِنْ مَدَارِكِ الْمَعَانِي وَمَعَالِمِ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمٌ، وَلَا يُؤْخَذُ بِهِ مَوْسُومٌ وَلَا مُتَفَرَّسٌ.
وَقَدْ كَانَ قَاضِي الْقُضَاةِ الشَّامِيُّ الْمَالِكِيُّ بِبَغْدَادَ أَيَّامَ كَوْنِي بِالشَّامِ يَحْكُمُ بِالْفِرَاسَةِ فِي الْأَحْكَامِ جَرْيًا عَلَى طَرِيقَةِ إيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ أَيَّامَ كَانَ قَاضِيهَا، وَلِشَيْخِنَا فَخْرِ الْإِسْلَامِ أَبِي بَكْرٍ الشَّاشِيِّ جُزْءٌ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ، كَتَبَهُ لِي بِخَطِّهِ، وَأَعْطَانِيهِ، وَذَلِكَ صَحِيحٌ ؛ فَإِنَّ مَدَارَك الْأَحْكَامِ مَعْلُومَةٌ شَرْعًا، مُدْرَكَةٌ قَطْعًا، وَلَيْسَتْ الْفِرَاسَةُ مِنْهَا.