وَالْحُرِّيَّةِ، وَصَارَ مِثْلَهَا فِي الْمَالِيَّةِ.
سَمِعْت إمَامَ الْحَنَابِلَةِ بِمَدِينَةِ السَّلَامِ أَبُو الْوَفَاءِ عَلِيُّ بْنُ عَقِيلٍ يَقُولُ : إنَّمَا تَبِعَ الْوَلَدُ الْأُمَّ فِي الْمَالِيَّةِ، وَصَارَ بِحُكْمِهَا فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ ؛ لِأَنَّهُ انْفَصَلَ عَنْ الْأَبِ نُطْفَةً لَا قِيمَةَ لَهُ، وَلَا مَالِيَّةَ فِيهِ، وَلَا مَنْفَعَةَ مَثْبُوتَةَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا اكْتَسَبَ مَا اكْتَسَبَ بِهَا وَمِنْهَا، فَلِأَجْلِ ذَلِكَ تَبِعَهَا، كَمَا لَوْ أَكَلَ رَجُلٌ تَمْرًا فِي أَرْضِ رَجُلٍ، فَسَقَطَتْ مِنْهُ نَوَاةٌ فِي الْأَرْضِ مِنْ يَدِ الْآكِلِ، فَصَارَتْ نَخْلَةً، فَإِنَّهَا مِلْكُ صَاحِبِ الْأَرْضِ دُونَ الْآكِلِ بِإِجْمَاعٍ مِنْ الْأَمَةِ ؛ لِأَنَّهَا انْفَصَلَتْ مِنْ الْآكِلِ وَلَا قِيمَةَ لَهَا ؛ وَهَذِهِ مِنْ الْبَدَائِعِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ :﴿ وَحَفَدَةً ﴾ : وَفِيهَا ثَمَانِيَةُ أَقْوَالٍ : الْأَوَّلُ : أَنَّهُمْ الْأَخْتَانُ ؛ قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ.
الثَّانِي : أَنَّهُمْ الْأَصْهَارُ ؛ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ.
الثَّالِثُ : قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ : الْخَتَنُ الزَّوْجُ، وَمَنْ كَانَ مِنْ ذَوِي رَحِمِهِ.
وَالصِّهْرُ مَنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ مِنْ الرِّجَالِ.
الرَّابِعُ : أَنَّهَا ضِدُّ ذَلِكَ ؛ قَالَهُ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ.
الْخَامِسُ : قَالَ الْأَصْمَعِيُّ : الْخَتَنُ مَنْ كَانَ مِنْ الرِّجَالِ مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ، وَالْأَصْهَارُ مِنْهُمَا جَمِيعًا.
السَّادِسُ : الْحَفَدَةُ : أَعْوَانُ الرَّجُلِ وَخَدَمِهِ، وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ : مَنْ أَعَانَك فَقَدْ حَفَدَك ؛ وَبِهِ قَالَ عِكْرِمَةُ.
السَّابِعُ : حَفَدَةُ الرَّجُلِ أَعْوَانُهُ مِنْ وَلَدِهِ.
الثَّامِنُ : أَنَّهُ وَلَدُ الرَّجُلِ وَوَلَدُ وَلَدِهِ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ : هَذِهِ الْأَقْوَالُ كَمَا سَرَدْنَاهَا إمَّا أُخِذَتْ عَنْ لُغَةٍ، وَإِمَّا عَنْ تَنْظِيرٍ، وَإِمَّا عَنْ اشْتِقَاقٍ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنْ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا ﴾ ؛ فَالنَّسَبُ مَا دَارَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ.
وَالصِّهْرُ مَا تَعَلَّقَ بِهِمَا،