الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : قَوْلُهُ :﴿ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا ﴾ قَالَ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ : التَّبْذِيرُ هُوَ مَنْعُهُ مِنْ حَقِّهِ، وَوَضْعُهُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ، وَهُوَ أَيْضًا تَفْسِيرُ الْحَدِيثِ :﴿ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ ﴾.
وَكَذَلِكَ يُرْوَى عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ ؛ وَهُوَ الْإِسْرَافُ، وَذَلِكَ حَرَامٌ بِقَوْلِهِ :﴿ إنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إخْوَانَ الشَّيَاطِينِ ﴾ وَذَلِكَ نَصٌّ فِي التَّحْرِيمِ.
فَإِنْ قِيلَ : فَمَنْ أَنْفَقَ فِي الشَّهَوَاتِ، هَلْ هُوَ مُبَذِّرٌ أَمْ لَا ؟ قُلْنَا : مَنْ أَنْفَقَ مَالَهُ فِي الشَّهَوَاتِ زَائِدًا عَلَى الْحَاجَاتِ، وَعَرَّضَهُ بِذَلِكَ لَلنَّفَادِ فَهُوَ مُبَذِّر.
وَمَنْ أَنْفَقَ رِبْحَ مَالِهِ فِي شَهَوَاتِهِ، أَوْ غَلَّتَهُ، وَحَفِظَ الْأَصْلَ أَوْ الرَّقَبَةَ، فَلَيْسَ بِمُبَذِّرٍ.
وَمَنْ أَنْفَقَ دِرْهَمًا فِي حَرَامٍ فَهُوَ مُبَذِّرٌ يُحْجَرُ عَلَيْهِ فِي نَفَقَةِ دِرْهَمٍ فِي الْحَرَامِ، وَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ بِبَذْلِهِ فِي الشَّهَوَاتِ، إلَّا إذَا خِيفَ عَلَيْهِ النَّفَادُ.


الصفحة التالية
Icon