الْآيَةُ الْمُوفِيَةُ عِشْرِينَ : قَوْله تَعَالَى :﴿ قُلْ اُدْعُوا اللَّهَ أَوْ اُدْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا ﴾ فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ : الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : فِي سَبَبِ نُزُولِهَا : وَفِي ذَلِكَ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ : الْأَوَّلُ : رَوَى الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الصَّلَاةَ هُنَا الْقِرَاءَةُ فِي الصَّلَاةِ قَالَ :﴿ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا صَلَّى بِأَصْحَابِهِ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالْقُرْآنِ، فَإِذَا سَمِعَ ذَلِكَ الْمُشْرِكُونَ سَبُّوا الْقُرْآنَ، وَمَنْ أَنْزَلَ وَمَنْ جَاءَ بِهِ ؛ فَقَالَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ :{ وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِك ﴾ فَيَسْمَعَ الْمُشْرِكُونَ ﴿ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا ﴾ حَتَّى لَا يَسْمَعَكَ أَصْحَابُك الْآيَةَ }.
الثَّانِي : أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الدُّعَاءِ ؛ قَالَهُ الْبُخَارِيُّ، وَغَيْرُهُ عَنْ عَائِشَةَ، وَابْنِ وَهْبٍ أَيْضًا، رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ.
الثَّالِثُ : قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ : قِيلَ لِمُحَمَّدٍ : لَا تُحْسِنْ صَلَاتَك فِي الْعَلَانِيَةِ مُرَاءَاةً، وَلَا تُسِيئُهَا فِي الْمُخَافَتَةِ.
الرَّابِعُ : رُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ إنَّمَا نَزَلَتْ هَذِهِ لِأَمْرٍ ؛ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ لَمَّا أَنْزَلَ عَلَى رَسُولِهِ فِي عَدَدِ خَزَنَةِ النَّارِ :﴿ عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ ﴾ قَالُوا فِي ذَلِكَ مَا قَالُوا، وَجَعَلُوا إذَا سَمِعُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَفَرَّقُونَ عَنْهُ، فَكَانَ الرَّجُلُ إذَا أَرَادَ أَنْ يَسْمَعَ اسْتَرَقَ السَّمْعَ دُونَهُمْ فَرَقًا مِنْهُمْ، فَإِذَا رَأَى أَنَّهُمْ قَدْ عَرَفُوا أَنَّهُ يَسْتَمِعُ ] ذَهَبَ خَشْيَةَ أَذَاهُمْ، وَإِنْ خَفَضَ صَوْتَهُ يَظُنُّ الَّذِي يَسْمَعُ أَنَّهُمْ لَا يَسْمَعُونَ مِنْ قِرَاءَتِهِ شَيْئًا وَسَمِعَ هُوَ شَيْئًا مِنْهُمْ أَصَاخَ لَهُ يَسْمَعُ مِنْهُ، فَقِيلَ لَهُ : لَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِك فَيَتَفَرَّقُوا عَنْك، وَلَا تُخَافِتْ بِهَا فَلَا يَسْمَعُهَا مَنْ يَسْتَرِقُ


الصفحة التالية
Icon