وَقُلْتُمْ سَاحِرٌ، وَاَللَّهِ مَا هُوَ بِسَاحِرٍ.
وَقُلْتُمْ : مَجْنُونٌ، وَاَللَّهِ مَا هُوَ بِمَجْنُونٍ.
وَاَللَّهِ لَقَدْ كَانَ مُحَمَّدٌ أَرْضَاكُمْ فِيكُمْ : أَصْدَقَكُمْ حَدِيثًا، وَأَعْظَمَكُمْ أَمَانَةً، وَخَيْرَكُمْ جِوَارًا، حَتَّى بَلَغَ مِنْ السِّنِّ مَا بَلَغَ، فَأَبْصِرُوا بَصَرَكُمْ، وَانْتَبِهُوا لِأَمْرِكُمْ.
فَقَالَتْ قُرَيْشٌ : هَلْ أَنْتَ يَا نَضْرُ خَارِجٌ إلَى أَحْبَارِ يَهُودَ بِيَثْرِبَ، وَنَبْعَثُ مَعَك رَجُلًا ؛ فَإِنَّهُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ الْأَوَّلِ، وَالْعِلْمِ بِمَا أَصْبَحْنَا نَخْتَلِفُ نَحْنُ وَمُحَمَّدٌ فِيهِ، تَسْأَلُهُمْ، ثُمَّ تَأْتِينَا عَنْهُمْ بِمَا يَقُولُونَ ؟ قَالَ : نَعَمْ.
فَخَرَجُوا، وَبَعَثُوا مَعَهُ عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ، فَقَدِمَا عَلَى أَحْبَارِ الْيَهُودِ، فَوَصَفَا لَهُمْ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا يَدْعُوهُمْ إلَيْهِ، وَخِلَافَهُمْ إيَّاهُ، فَقَالُوا لَهُمَا : سَلُوهُ عَنْ ثَلَاثِ خِلَالٍ، نَأْمُرُكُمْ بِهِنَّ : سَلُوهُ عَنْ فِتْيَةٍ مَضَوْا فِي الزَّمَنِ الْأَوَّلِ، وَقَدْ كَانَ لَهُمْ خَبَرٌ وَنَبَأٌ، وَحَدِيثٌ مُعْجِبٌ، وَأَخْبَرُوهُمْ خَبَرَهُمْ.
وَسَلُوهُ عَنْ رَجُلٍ طَوَّافٍ قَدْ بَلَغَ مِنْ الْبِلَادِ مَا لَمْ يَبْلُغْ غَيْرُهُ مِنْ مَشَارِقِهَا وَمَغَارِبِهَا يُقَالُ لَهُ ذُو الْقَرْنَيْنِ، وَأَخْبَرُوهُمْ خَبَرَهُ.
وَسَلُوهُ عَنْ الرُّوحِ مَا هُوَ ؟ فَإِنْ أَخْبَرَكُمْ بِهَؤُلَاءِ الثَّلَاثِ فَالرَّجُلُ نَبِيٌّ فَاتَّبِعُوهُ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَالرَّجُلُ كَذَّابٌ، فَرَوْا رَأْيَكُمْ.
فَقَدِمَ النَّضْرُ وَعُقْبَةُ عَلَى قُرَيْشٍ مَكَّةُ، فَقَالَا : قَدْ أَتَيْنَاكُمْ بِفَصْلِ مَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ مُحَمَّدٍ، أَمَرَتْنَا أَحْبَارُ يَهُودَ أَنْ نَسْأَلَهُ عَنْ ثَلَاثَةٍ أُمُورٍ، فَإِنْ أَخْبَرَنَا بِهِنَّ فَهُوَ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، فَاتَّبِعُوهُ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْهَا فَالرَّجُلُ كَذَّابٌ.
فَمَشَوْا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا : يَا مُحَمَّدُ ؛ أَخْبِرْنَا عَنْ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ، نَسْأَلُك عَنْهَا، فَإِنْ أَخْبَرْتنَا عَنْهَا فَأَنْتَ نَبِيٌّ.
أَخْبِرْنَا عَنْ فِتْيَةٍ مَضَوْا فِي