سُورَةُ الْأَنْبِيَاءِ فِيهَا ثَلَاثُ آيَاتٍ الْآيَةُ الْأُولَى قَوْله تَعَالَى :﴿ قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ ﴾.
فِيهَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ : الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : رَوَى الْأَئِمَّةُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِ، وَاللَّفْظُ لَهُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ لَمْ يَكْذِبْ إبْرَاهِيمُ فِي شَيْءٍ قَطُّ إلَّا فِي ثَلَاثٍ : قَوْلُهُ : إنِّي سَقِيمٌ، وَلَمْ يَكُنْ سَقِيمًا، وَقَوْلُهُ لِسَارَةَ : أُخْتِي ؛ وقَوْله تَعَالَى :{ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا ﴾ }.
وَثَبَتَ أَيْضًا فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :﴿ لَمْ يَكْذِبْ إبْرَاهِيمُ إلَّا ثَلَاثَ كِذْبَاتٍ : ثِنْتَيْنِ مِنْهَا فِي ذَاتِ اللَّهِ، قَوْلُهُ :{ إنِّي سَقِيمٌ ﴾ وَقَوْلُهُ :﴿ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا ﴾ وَبَيْنَمَا هُوَ ذَاتَ يَوْمٍ وَسَارَةُ إذْ أَتَى عَلَى جَبَّارٍ مِنْ الْجَبَابِرَةِ فَقِيلَ : إنَّ هَاهُنَا رَجُلًا مَعَهُ امْرَأَةٌ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ، فَأَرْسَلَ إلَيْهِ، فَسَأَلَهُ عَنْهَا، فَقَالَ : مَنْ هَذِهِ ؟ قَالَ : أُخْتِي.
فَأَتَى سَارَةَ فَقَالَ : يَا سَارَةُ، لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مُؤْمِنٌ غَيْرِي وَغَيْرَك، وَإِنَّ هَذَا سَأَلَنِي فَأَخْبَرْته أَنَّك أُخْتِي، فَلَا تَكْذِبِينَنِي.
فَأَرْسَلَ إلَيْهَا فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ ذَهَبَ يَتَنَاوَلُهَا بِيَدِهِ، فَأُخِذَ، فَقَالَ : اُدْعِي اللَّهَ لِي وَلَا أَضُرُّك، فَدَعَتْ اللَّهَ، فَأُطْلِقَ.
ثُمَّ تَنَاوَلَهَا الثَّانِيَةَ فَأُخِذَ مِثْلَهَا أَوْ أَشَدَّ.
فَقَالَ : اُدْعِي اللَّهَ لِي وَلَا أَضُرُّك، فَأُطْلِقَ، فَدَعَا بَعْضَ حَجَبَتِهِ فَقَالَ : لَمْ تَأْتِنِي بِإِنْسَانٍ، إنَّمَا أَتَيْتنِي بِشَيْطَانٍ، فَأَخْدَمَهَا هَاجَرَ }.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَوْله تَعَالَى :﴿ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا ﴾ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي ظَاهِرِ الْمَقْصُودِ بِهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : هَذَا تَعْرِيضٌ، وَفِي التَّعَارِيضِ مَنْدُوحَةٌ عَنْ الْكَذِبِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ إنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ ؛ فَشَرَطَ النُّطْقَ