الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : فِي هَذَا الْحَدِيثِ نُكْتَةٌ عُظْمَى تَقْصِمُ الظَّهْرَ، وَهِيَ أَنَّهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ :﴿ لَمْ يَكْذِبْ إبْرَاهِيمُ إلَّا ثَلَاثَ كِذْبَاتٍ : ثِنْتَيْنِ مِنْهَا مَاحَلَ بِهِمَا عَنْ دِينِ اللَّهِ ﴾ وَهِيَ قَوْلُهُ : إنِّي سَقِيمٌ، وَبَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا، وَلَمْ يَعُدَّ قَوْلَهُ : هَذِهِ أُخْتِي فِي ذَاتِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ دَفَعَ بِهَا مَكْرُوهًا، وَلَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ لِإِبْرَاهِيمَ فِيهَا حَظٌّ مِنْ صِيَانَةِ فِرَاشِهِ، وَحِمَايَةِ أَهْلِهِ، لَمْ يَجْعَلْ فِي جَنْبِ اللَّهِ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُجْعَلُ فِي ذَاتِ اللَّهِ إلَّا الْعَمَلَ الْخَالِصَ مِنْ شَوَائِبِ الْحُظُوظِ الدُّنْيَوِيَّةِ، أَوْ الْمَعَانِي الَّتِي تَرْجِعُ إلَى النَّفْسِ، حَتَّى إذَا خَلَصَتْ لِلدِّينِ كَانَتْ لِلَّهِ، كَمَا قَالَ :﴿ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ ﴾ وَهَذَا لَوْ صَدَرَ مِنَّا لَكَانَ لِلَّهِ، وَلَكِنَّ مَنْزِلَةَ إبْرَاهِيمَ اقْتَضَتْ هَذَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.


الصفحة التالية
Icon