الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ : قَالَ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ : لَا ضَمَانَ عَلَى أَرْبَابِ الْمَوَاشِي فِيمَا أَصَابَتْ بِالنَّهَارِ وَقَالَ اللَّيْثُ : يَضْمَنُ أَرْبَابُ الْمَوَاشِي بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : إذَا أَفْسَدَتْ الْمَوَاشِي لَيْلًا أَوْ نَهَارًا لَمْ يَكُنْ عَلَى صَاحِبِهَا ضَمَانٌ.
وَتَحْقِيقُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ مَعْنَى حَدِيثِ ﴿ الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ ﴾ وَهَذَا يَنْفِي الضَّمَانَ كُلَّهُ، وَمَعْنَى حَدِيثِ الْبَرَاءِ، وَهُوَ نَصٌّ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، فَوَجَبَ تَخْصِيصُ حَدِيثِ الْبَرَاءِ بِحَدِيثِ الْعَجْمَاءِ، وَلَيْسَ عِنْدَنَا بِقَضَاءِ دَاوُد وَسُلَيْمَانَ نَصٌّ، فَنَقُولُ : إنَّهُ يُعَارِضُ هَذَا عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي أَنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا، فَيُفْتَقَرُ حِينَئِذٍ إلَى الْكَلَامِ عَلَيْهِ، وَالتَّرْجِيحِ فِيهِ، فَوَجَبَ الْوُقُوفُ عِنْدَهَا وَقْفَ بِنَاءِ النَّصِّ عَلَيْهِ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ : إذَا قُلْنَا : إنَّ أَرْبَابَ الْمَوَاشِي يَضْمَنُونَ مَا أَفْسَدَتْ مَاشِيَتُهُمْ بِاللَّيْلِ، فَإِنَّهُمْ يَضْمَنُونَ قِيمَةَ الزَّرْعِ عَلَى رَجَاءِ أَنْ يَتِمَّ أَوْ لَا يَتِمَّ قَالَ عَنْهُ مُطَرِّفٌ، وَلَا يَسْتَأْنِي بِالزَّرْعِ أَنْ يَنْبُتَ أَوْ لَا يَنْبُتَ كَمَا يَفْعَلُ فِي سِنِّ الصَّغِيرِ.
وَقَالَ عِيسَى، عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ : قِيمَتُهُ لَوْ حَلَّ بَيْعُهُ.
وَقَالَ أَشْهَبُ، وَابْنُ نَافِعٍ عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعَةِ : وَإِنْ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ.
وَالْأَوَّلُ أَقْوَى ؛ لِأَنَّهَا صِفَتُهُ، فَيُقَوَّمُ كَذَلِكَ لَوْ تَمَّ أَوْ لَمْ يَتِمَّ، كَمَا يُقَوَّمُ كُلُّ مُتْلَفٍ عَلَى صِفَتِهِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ : إذَا أَفْسَدَتْ الْمَوَاشِي ذَلِكَ فَعَلَى أَرْبَابِهَا قِيمَةُ مَا أَفْسَدَتْ، وَإِنْ زَادَ عَلَى قِيمَتِهَا.
وَقَالَ اللَّيْثُ : تَسْقُطُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْقِيمَةِ، وَهَذَا بَاطِلٌ ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ إنَّمَا هِيَ عَلَى أَرْبَابِ الْمَوَاشِي، وَلَيْسَتْ عَلَى الْمَوَاشِي، وَتُخَالِفُ هَذَا جِنَايَةُ الْعَبْدِ، فَإِنَّهَا عَلَيْهِ، فَيَحْمِلُ