الْآيَةُ الْعَاشِرَةُ قَوْله تَعَالَى :﴿ وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جَنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾.
فِيهَا ثَمَانِي عَشْرَةَ مَسْأَلَةً : الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : قَوْله تَعَالَى :﴿ وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ﴾ الْبُدْنُ جَمْعُ بَدَنَةٍ، وَهِيَ الْوَاحِدَةُ مِنْ الْإِبِلِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ مِنْ الْبَدَانَةِ وَهِيَ السِّمَنُ، يُقَالُ : بَدُنَ الرَّجُلُ بِضَمِّ الْعَيْنِ : إذَا سَمِنَ، وَبَدَّنَ بِتَشْدِيدِهَا : إذَا كَبِرَ وَأَسَنَّ، وَإِنَّمَا سَمَّاهَا بِصِفَتِهَا لِيُنَبِّهَ بِذَلِكَ عَلَى اخْتِيَارِهَا، وَتَعْيِينِ الْأَفْضَلِ مِنْهَا ؛ فَإِنَّ اللَّهَ أَحَقُّ مَا اُخْتِيرَ لَهُ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ وَعَطَاءٍ أَنَّ الْبَقَرَةَ يُقَالُ لَهَا بَدَنَةٌ وَحَكَى ابْنُ شَجَرَةَ أَنَّهُ يُقَالُ فِي الْغَنَمِ، وَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ، وَالْبُدْنُ هِيَ الْإِبِلُ.
وَالْهَدْيُ عَامٌّ فِي الْإِبِلِ، وَالْبَقَرِ، وَالْغَنَمِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَوْله تَعَالَى :﴿ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ﴾ وَهَذَا نَصٌّ فِي أَنَّهَا بَعْضُ الشَّعَائِرِ، كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : قَوْله تَعَالَى :﴿ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ ﴾ يَعْنِي مَنْفَعَةَ اللِّبَاسِ وَالْمَعَاشِ وَالرُّكُوبِ وَالْأَجْرِ، فَأَمَّا الْأَجْرُ فَهُوَ خَيْرٌ مُطْلَقًا، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَهُوَ خَيْرٌ إذَا قَوَّى عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ.