الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ : الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ : الْقَانِعَ : وَالْخَامِسَةَ عَشْرَةَ : الْمُعْتَرَّ : وَفِي ذَلِكَ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ : الْأَوَّلُ : قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ : الْقَانِعُ الْفَقِيرُ، وَالْمُعْتَرُّ الزَّائِرُ.
الثَّانِي : قَالَ ابْنُ وَهْبٍ، وَعُقْبَةُ : السَّائِلُ، وَقَالَهُ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ.
الثَّالِثُ : الْمُعْتَرُّ الَّذِي يَعْتَرِيك ؛ قَالَهُ مُجَاهِدٌ، وَالْقَانِعُ الْجَالِسُ فِي بَيْتِهِ ؛ قَالَهُ مُجَاهِدٌ.
الرَّابِعُ : الْقَانِعُ الَّذِي يَرْضَى بِالْقَلِيلِ.
وَالْمُعْتَرُّ الَّذِي يَمُرُّ بِك وَلَا يُبَايِتُكَ ؛ قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ.
الْخَامِسُ : الَّذِي يَقْنَعُ هُوَ الْمُتَعَفِّفُ، وَالْمُعْتَرُّ السَّائِلُ.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ : هَذِهِ الْأَقْوَالُ مُتَقَارِبَةٌ، فَأَمَّا الْقَانِعُ فَفِعْلُهُ قَنَعَ يَقْنَعُ، وَلَهُ فِي اللُّغَةِ مَعْنَيَانِ : أَحَدُهُمَا الَّذِي يَرْضَى بِمَا عِنْدَهُ.
وَالثَّانِي : الَّذِي يُذَلُّ، وَكِلَاهُمَا يَنْطَلِقُ عَلَى الْفَقِيرِ، فَإِنَّهُ ذَلِيلٌ.
فَإِنْ وَقَفَ عِنْدَ رِزْقِهِ فَهُوَ قَانِعٌ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ فَهُوَ مُلْحِفٌ.
وَأَمَّا الْمُعْتَرُّ وَالْمُعْتَرِي فَهُمَا مُتَقَارِبَانِ مَعْنًى، مَعَ افْتِرَاقِهِمَا اشْتِقَاقًا، فَالْمُعْتَرُّ مُضَاعَفٌ، وَالْمُعْتَرِي مُعْتَلُّ اللَّامِ، وَمِنْ النَّادِرِ فِي الْعَرَبِيَّةِ كَوْنُهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ قَالَ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ : وَشَيْبَةُ فِيهِمْ وَالْوَلِيدُ وَمِنْهُمْ أُمَيَّةُ مَأْوَى الْمُعْتَرِينَ وَذِي الرَّحَلِ يُرِيدُ بِالْمُعْتَرِينَ مَنْ يُقِيمُ لِلزِّيَارَةِ، وَذُو الرَّحْلِ مَنْ يَمُرُّ بِك فَتُضَيِّفُهُ.
وَقَالَ زُهَيْرٌ : عَلَى مُكْثِرِيهِمْ رِزْقُ مَنْ يَعْتَرِيهِمْ وَعِنْدَ الْمُقِلِّينَ السَّمَاحَةُ وَالْبَذْلُ وَيُعَضِّدُ هَذَا قَوْله تَعَالَى :﴿ إنْ نَقُولُ إلَّا اعْتَرَاك بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ ﴾ يُرِيدُ نَزَلَ بِك ؛ فَهَذَا كُلُّهُ فِي الْمُعْتَلِّ.
وَأَمَّا مَا وَرَدَ فِي الْمُضَاعَفِ، فَكَقَوْلِ الشَّاعِرِ : يُعْطِي ذَخَائِرَ مَالِهِ مُعَتَّرَهُ قَبْلَ السُّؤَالِ وَقَالَ الْكُمَيْتُ : أَيَا خَيْرَ مَنْ يَأْتِهِ الطَّارِقُو نَ إمَّا


الصفحة التالية
Icon