الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ : قَالَ بَعْضُهُمْ : إنَّ الْهَدْيَ يُقَسَّمُ أَثْلَاثًا : قِسْمٌ يَأْكُلُهُ صَاحِبُهُ، وَقِسْمٌ يَأْخُذُهُ الْقَانِعُ، وَقِسْمٌ يَأْخُذُهُ الْمُعْتَرُّ، وَإِنَّمَا يُقَسَّمُ قِسْمَيْنِ : قِسْمٌ يَأْخُذُهُ الْآكِلُ، وَقِسْمٌ يَأْخُذُهُ الْقَانِعُ وَالْمُعْتَرُّ ؛ وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ : لَيْسَ عِنْدَنَا فِي الضَّحَايَا قِسْمٌ مَعْلُومٌ مَوْصُوفٌ.
قَالَ مَالِكٌ فِي حَدِيثِهِ : بَلَغَنِي عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ شَيْءٌ لَيْسَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَنَا، وَهُوَ الَّذِي أَشَرْنَا إلَيْهِ : قِسْمَتُهَا أَثْلَاثًا.
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى :﴿ وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ﴾، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِيُجَزَّأَ أَثْلَاثًا ؛ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ هَذَا التَّقْدِيرَ لَيْسَ بِأَصْلٍ يُرْجَعُ إلَيْهِ.
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ ثَوْبَانَ :﴿ ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَاةٍ ثُمَّ قَالَ لِي : أَصْلِحْ لَحْمَهَا، فَمَا زَالَ يَأْكُلُ مِنْهُ، حَتَّى قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ صَدَقَةً ﴾.
وَهَذَا نَصٌّ فِي الْمَسْأَلَةِ.