الْآيَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ قَوْله تَعَالَى :﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إلَّا إذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاَللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾.
فِيهَا مَسْأَلَتَانِ : الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : فِي سَبَبِ نُزُولِهَا : فِي ذَلِكَ رِوَايَاتٌ مُخْتَلِفَةٌ، أَظْهَرُهَا وَمَا فِيهَا ظَاهِرٌ :﴿ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَسَ فِي نَادٍ مِنْ أَنْدِيَةِ قَوْمِهِ، كَثِيرٌ أَهْلُهُ، فَتَمَنَّى يَوْمَئِذٍ أَلَّا يَأْتِيَهُ مِنْ اللَّهِ شَيْءٌ فَيَنْفِرُوا عَنْهُ يَوْمَئِذٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ :{ وَالنَّجْمِ إذَا هَوَى ﴾ فَقَرَأَ حَتَّى إذَا بَلَغَ إلَى قَوْلِهِ :﴿ أَفَرَأَيْتُمْ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى ﴾.
أَلْقَى الشَّيْطَانُ كَلِمَتَيْنِ : تِلْكَ الْغَرَانِيقُ الْعُلَا، وَإِنَّ شَفَاعَتَهُنَّ لَتُرْتَجَى.
فَتَكَلَّمَ بِهَا، ثُمَّ مَضَى بِقِرَاءَةِ السُّورَةِ كُلِّهَا، ثُمَّ سَجَدَ فِي آخَرِ السُّورَةِ، وَسَجَدَ الْقَوْمُ جَمِيعًا مَعَهُ، وَرَفَعَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ تُرَابًا إلَى جَبْهَتِهِ وَسَجَدَ عَلَيْهِ وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا، فَلَمَّا أَمْسَى أَتَاهُ جِبْرِيلُ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ السُّورَةَ، فَلَمَّا بَلَغَ الْكَلِمَتَيْنِ قَالَ : مَا جِئْتُك بِهَاتَيْنِ، فَأَوْحَى اللَّهُ إلَيْهِ :﴿ وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنْ الَّذِي أَوْحَيْنَا إلَيْك لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاِتَّخَذُوكَ خَلِيلًا وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا إذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَك عَلَيْنَا نَصِيرًا ﴾ فَمَا زَالَ مَغْمُومًا مَهْمُومًا