الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : الْمُرَادُ بِالرَّمْيِ هَاهُنَا التَّعْبِيرُ بِالزِّنَا خَاصَّةً ؛ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ : إنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ زَوْجَهُ بِشَرِيكِ بْنِ السَّحْمَاءِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ الْبَيِّنَةَ وَإِلَّا حَدٌّ فِي ظَهْرِك ﴾ وَالنُّكْتَةُ الْبَدِيعَةُ فِيهِ أَنَّهُ قَالَ :﴿ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ ﴾، وَاَلَّذِي يَفْتَقِرُ إلَى أَرْبَعَةِ شُهَدَاءِ هُوَ الزِّنَا ؛ وَهَذَا قَاطِعٌ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ : قَوْلُهُ :﴿ يَرْمُونَ ﴾ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ إذَا صَرَّحَ بِالزِّنَا كَانَ قَذْفًا وَذَنْبًا مُوجِبًا لِلْحَدِّ ؛ فَإِنَّ عَرَّضَ وَلَمْ يُصَرِّحْ، فَقَالَ مَالِكٌ : هُوَ قَذْفٌ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ : لَيْسَ بِقَذْفٍ.
وَمَالِكٌ أَسَدُّ طَرِيقَةٍ فِيهِ ؛ لِأَنَّ التَّعْرِيضَ قَوْلٌ يَفْهَمُ مِنْهُ سَامِعُهُ الْحَدَّ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ قَذْفًا، كَالتَّصْرِيحِ.
وَالْمُعَوَّلُ عَلَى الْفَهْمِ.
وَقَدْ قَالَ اللَّهُ مُخْبِرًا عَنْ قَوْمِ شُعَيْبٍ :﴿ إنَّك لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ ﴾ وَقَالَ فِي أَبِي جَهْلٍ :﴿ ذُقْ إنَّك أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ﴾ وَهَذَا ظَاهِرٌ.