الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ : قَوْلُهُ :﴿ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ﴾ : فَذَكَرَ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَعِنْدَ الظَّهِيرَةِ، وَهِيَ الْقَائِلَةُ، وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ، وَهِيَ أَوْقَاتُ الْخَلْوَةِ الَّتِي يَكُونُ فِيهِ التَّصَرُّفُ بِخِلَافِ اللَّيْلِ كُلِّهِ، فَإِنَّهُ وَقْتُ خَلْوَةٍ، وَلَكِنْ لَا تَصَرُّفَ فِيهِ ؛ لِأَنَّ كُلَّ أَحَدٍ مُسْتَغْرِقٌ بِنَوْمِهِ، وَهَذِهِ الْأَوْقَاتُ الثَّلَاثَةُ أَوْقَاتُ خَلْوَةٍ وَتَصَرُّفٍ، فَنُهُوا عَنْ الدُّخُولِ بِغَيْرِ إذْنِ لِئَلَّا يُصَادِفُوا مَنْظَرَةً مَكْرُوهَةً.
وَفِي الصَّحِيحِ :﴿ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي كَذَا وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَكَانَتْ سَاعَةً لَا يُدْخَلُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ.
وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ : لَا أَدْخُلُ ﴾
.
وَعَنْ عَائِشَةَ :﴿ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنَامُ أَوَّلَ اللَّيْلِ، وَيَقُومُ آخِرَهُ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى فِرَاشِهِ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمُؤَذِّنُ، فَإِنْ كَانَتْ بِهِ حَاجَةٌ اغْتَسَلَ، وَإِلَّا تَوَضَّأَ وَخَرَجَ ﴾ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَفِي الْآثَارِ التَّفْسِيرِيَّةِ ﴿ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَ إلَى عُمَرَ غُلَامًا مِنْ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ مُدْلِجٌ فِي الظَّهِيرَةِ، فَدَخَلَ عَلَى عُمَرَ بِغَيْرِ إذْنٍ، فَأَيْقَظَهُ بِسُرْعَةٍ، فَانْكَشَفَ شَيْءٌ مِنْ جَسَدِهِ ؛ فَنَظَرَ إلَيْهِ الْغُلَامُ ؛ فَحَزِنَ لَهَا عُمَرُ فَقَالَ : وَدِدْت أَنَّ اللَّهَ بِفَضْلِهِ نَهَى عَنْ الدُّخُولِ عَلَيْنَا فِي هَذِهِ السَّاعَاتِ إلَّا بِإِذْنِنَا.
ثُمَّ انْطَلَقَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَ هَذِهِ الْآيَةَ قَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ، فَحَمِدَ اللَّهَ ﴾
.


الصفحة التالية
Icon