عَنْهَا فَلَا سَبِيلَ لَهَا إلَيْهِ، وَكَذَلِكَ الزَّوْجُ يَأْكُلُ مِنْ مَالِ زَوْجِهِ غَيْرَ مُفْسِدٍ، لَكِنْ الزَّوْجَةُ أَبْسَطُ، لِمَا لَهَا مِنْ حَقِّ النَّفَقَةِ، وَلِمَا يَلْزَمُهَا مِنْ خِدْمَةِ الْمَنْفَعَةِ.
وَأَمَّا بَيْتُ الِابْنِ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ كَبَيْتِ الْمَرْءِ نَفْسِهِ، لَكِنْ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِيمَا كَانَ غَيْرَ مُحْرَزٍ، فَلَا يَتَبَسَّطُ الْأَبُ عَلَى الِابْنِ فِي هَتْكِ حِرْزٍ وَأَخْذِ مَالٍ ؛ وَإِنَّمَا يَأْكُلُهُ مُسْتَرْسِلًا فِيمَا لَمْ يَقَعْ فِيهِ حِيَازَةٌ، وَلَكِنْ بِالْمَعْرُوفِ دُونَ فَسَادٍ وَلَا اسْتِغْنَامٍ وَأَمَّا بَيْتُ الْأَبِ لِلِابْنِ فَمِثْلُهُ، وَلَكِنْ تَبَسُّطُ الِابْنِ أَقَلُّ مِنْ تَبَسُّطِ الْأَبِ، كَمَا كَانَ تَبَسُّطُ الزَّوْجِ أَقَلَّ مِنْ تَبَسُّطِ الزَّوْجَةِ.
وَأَمَّا بُيُوتُ سَائِرِ الْقَرَابَةِ الَّذِينَ ذُكِرُوا فِي الْآيَةِ فَلَا يَلْحَقُ بِذَلِكَ وَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ.
وَأَمَّا بَيْتٌ مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ فَهُوَ الْوَكِيلُ قَالَ النَّبِيُّ :﴿ الْخَازِنُ الْأَمِينُ الَّذِي يُعْطِي مَا أُمِرَ كَامِلًا مُوَفَّرًا طَيِّبَةً بِهِ نَفْسُهُ أَحَدُ الْمُتَصَدِّقِينَ ﴾.
وَلَا بُدَّ لِلْخَازِنِ مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِمَّا يَخْزُنُ إجْمَاعًا، وَهَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ أُجْرَةٌ، فَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى الْخَزْنِ حَرُمَ الْأَكْلُ.
وَأَمَّا مَالُ الْعَبْدِ فَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ :( بُيُوتِكُمْ ) لِأَنَّ الْعَبْدَ وَمَالَهُ مِلْكٌ لِلسَّيِّدِ.
وَأَمَّا مَنْ قَالَ : إنَّهُ مَنْزِلُ الرَّجُلِ نَفْسِهِ فَخَطَأٌ مَحْضٌ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ أَفَادَهُ قَوْلُهُ :( بُيُوتِكُمْ )، كَمَا بَيَّنَّا أَنَّ بَيْتَ الِابْنِ يَدْخُلُ فِيهِ ؛ فَبَيْتُ الْعَبْدِ أَوْلَى وَأَحْرَى بِإِجْمَاعٍ.
وَأَمَّا بَيْتُ الصَّدِيقِ، فَإِنَّهُ إذَا اسْتَحْكَمَتْ الْأُخُوَّةُ جَرَى التَّبَسُّطُ عَادَةً، وَفِي الْمَثَلِ : أَيُّهُمْ أَحَبُّ إلَيْك أَخُوكَ أَمْ صَدِيقُكَ ؟ قَالَ : أَخِي إذَا كَانَ صَدِيقِي.
قَالَ لَنَا الْإِمَامُ الْعَادِلُ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ طَوْقٍ قَالَ لَنَا جَمَالُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيُّ إمَامُ الصُّوفِيَّةِ فِي وَقْتِهِ : عَزِيزٌ مِنْ يَصْدُقُ فِي الصَّدَاقَةِ،