الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ : إذَا كَانَ الْمَاءُ طَاهِرًا مُطَهَّرًا عَلَى أَصْلِهِ فَوَلَغَ فِيهِ كَلْبٌ فَسَدَ عِنْدَ جُمْهُورِ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إنَاءِ أَحَدِكُمْ فَاغْسِلُوهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ ﴾.
وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ : وَقَدْ جَاءَ هَذَا الْحَدِيثُ، وَلَا أَدْرِي مَا حَقِيقَتُهُ.
وَقَدْ بَيَّنَّا فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ حَقِيقَتَهُ، وَأَنَّ الْإِنَاءَ يُغْسَلُ عِبَادَةً، لَا لِنَجَاسَةٍ بِدَلِيلَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّ الْغَسْلَ مَعْدُودٌ بِسَبْعٍ.
الثَّانِي : أَنَّهُ جَعَلَ لِلتُّرَابِ فِيهَا مَدْخَلًا، وَلَوْ كَانَ لِنَجَاسَةٍ لَمَا كَانَ لِلتُّرَابِ فِيهَا مَدْخَلٌ، كَالْبَوْلِ، عَكْسُهُ الْوُضُوءُ لَمَّا كَانَ عِبَادَةً دَخَلَ التُّرَابُ مَعَ الْمَاءِ.
وَرَأَى مَالِكٌ طَرْحَ الْمَاءِ تَقَذُّرًا لَا تَنَجُّسًا، أَوْ حَسْمًا لِمَادَّةِ الْخِلَافِ ؛ أَوْ لِأَنَّهُ حَيَوَانٌ يَأْكُلُ الْأَقْذَارَ، وَلَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ، فَيَكُونُ مِنْ الطَّوَّافِينَ أَوْ الطَّوَّافَاتِ، وَقَدْ اسْتَوْفَيْنَا الْقَوْلَ عَلَيْهِ فِي الْفِقْهِ.