الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : قَوْلُهُ :﴿ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ﴾ قَدْ بَيَّنَّا اللَّغْوَ، وَأَنَّهُ مَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ ؛ فَإِنْ كَانَتْ فِيهِ مَضَرَّةٌ فِي دِينٍ أَوْ دُنْيَا فَقَدْ تَأَكَّدَ أَمْرُهُ فِي التَّحْرِيمِ ؛ وَذَلِكَ بِحَسْبِ تِلْكَ الْمَضَرَّةِ فِي اعْتِقَادٍ أَوْ فِعْلٍ، وَيَتَرَكَّبُ اللَّغْوُ عَلَى الزُّورِ ؛ وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ مَعْنَى زَائِدٌ هَاهُنَا ؛ لِأَنَّهُ قَالَ :﴿ وَاَلَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ ﴾ فَهَذَا مُحَرَّمٌ بِلَا كَلَامٍ.
ثُمَّ قَالَ :﴿ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ ﴾ يَعْنِي الَّذِي لَا فَائِدَةَ فِيهِ تَكَرَّمُوا عَنْهُ، حَتَّى قَالَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ : إنَّهُ ذِكْرُ الرَّفَثِ، وَيَكُونُ لَغْوًا مُجَرَّدًا إذَا كَانَ فِي الْحَلَالِ، وَيَكُونُ زُورًا مُحَرَّمًا إذَا كَانَ فِي الْحَرَامِ، وَإِنْ احْتَاجَ أَحَدٌ إلَى ذِكْرِ الْفَرْجِ أَوْ النِّكَاحِ لِأَمْرٍ يَتَعَلَّقُ بِالدِّينِ جَازَ ذَلِكَ، كَمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلَّذِي اعْتَرَفَ عِنْدَهُ بِالزِّنَا :﴿ نِكْتَهَا ﴾ ؟ لَا تَكْنِي، لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ فِي تَقْدِيرِ الْفِعْلِ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ الْحَدُّ.