لَمَّا بَلَغَهُ قَالَ : لَوْ كُنْت أَنَا مَا أَحْرَقْتُهُمْ ؟ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ لَا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللَّهِ ﴾، وَلَقَتَلْتُهُمْ " ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ مَنْ تَرَكَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ ﴾.
فَقَالَ عَمَّارٌ : لَمْ يَكُنْ حَرَقَهُمْ، وَلَكِنَّهُ حَفَرَ لَهُمْ حَفَائِرَ، وَخَرَقَ بَعْضَهَا إلَى بَعْضٍ، ثُمَّ دَخَنَ عَلَيْهِمْ حَتَّى مَاتُوا.
فَقَالَ عَمَّارٌ : قَالَ الشَّاعِرُ : لِتَرْمِ بِي الْمَنَايَا حَيْثُ شَاءَتْ إذَا لَمْ تَرْمِ بِي فِي الْحُفْرَتَيْنِ إذَا مَا أَجَّجُوا حَطَبًا وَنَارًا هُنَاكَ الْمَوْتُ نَقْدًا غَيْرَ دَيْنِ وَمِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ بُكَيْر مَا يُصَدِّقُ ذَلِكَ : عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ وَجَدَ فِي ضَوَاحِي الْعَرَبِ رَجُلًا يُنْكَحُ كَمَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ كَانَ اسْمُهُ الْفُجَاءَةُ، فَاسْتَشَارَ أَبُو بَكْرٍ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَكَانَ يَوْمَئِذٍ أَشَدَّ فِيهِمْ قَوْلًا، فَقَالَ عَلَيَّ : إنَّ هَذَا الذَّنْبَ لَمْ تَعْصِ بِهِ أُمَّةٌ مِنْ الْأُمَمِ، إلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً، صَنَعَ اللَّهُ بِهَا مَا عَلِمْتُمْ ؛ أَرَى أَنْ يُحْرَقَ بِالنَّارِ.
فَاجْتَمَعَ رَأْيُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُحْرَقَ بِالنَّارِ، فَكَتَبَ أَبُو بَكْرٍ إلَى خَالِدِ بْن الْوَلِيدِ أَنْ يَحْرِقَهُمْ بِالنَّارِ، فَأَحْرَقَهُمْ بِالنَّارِ، ثُمَّ أَحْرَقَهُمْ ابْنُ الزُّبَيْرِ فِي زَمَانِهِ، ثُمَّ أَحْرَقَهُمْ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، ثُمَّ أَحْرَقَهُمْ خَالِدُ الْقَسْرِيُّ بِالْعِرَاقِ.
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ أُتِيَ بِسَبْعَةٍ أُخِذُوا فِي لِوَاطٍ، فَسَأَلَ عَنْهُمْ، فَوُجِدُوا أَرْبَعَةً قَدْ أُحْصِنُوا، فَأَمَرَ بِهِمْ فَخَرَجَ بِهِمْ مِنْ الْحَرَمِ، ثُمَّ رُجِمُوا بِالْحِجَارَةِ، حَتَّى مَاتُوا، وَجَلَدَ الثَّلَاثَةَ حَتَّى مَاتُوا بِالْحَدِّ.
قَالَ : وَعِنْدَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عُمَرَ، فَلَمْ يُنْكِرَا عَلَيْهِ.
وَقَدْ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إلَى هَذَا، وَاَلَّذِي صَارَ إلَيْهِ مَالِكٌ أَحَقُّ


الصفحة التالية
Icon