الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ : قَوْله تَعَالَى :﴿ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ ﴾ وَقَدْ قَدَّمْنَا الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ فِي سُورَةِ الْأَنْفَالِ.
وَثَبَتَ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخَى بَيْنَ الزُّبَيْرِ وَبَيْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، فَارْتَثَّ كَعْبٌ يَوْمَ أُحُدٍ، فَجَاءَ بِهِ الزُّبَيْرُ يَقُودُهُ بِزِمَامِ رَاحِلَتِهِ، فَلَوْ مَاتَ يَوْمَئِذٍ كَعْبٌ عَنْ الضِّحِّ وَالرِّيحِ لَوَرِثَهُ الزُّبَيْرُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾.
فَبَيَّنَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنَّ الْقَرَابَةَ أَوْلَى مِنْ الْحَلِفِ، فَتُرِكَتْ الْمُوَارَثَةُ بِالْحَلِفِ، وَوَرِثُوا بِالْقَرَابَةِ، وَقَوْلُهُ :﴿ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ ﴾ يَتَعَلَّقُ حَرْفُ الْجَرِّ بِأَوْلَى، وَمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْفِعْلِ، لَا بِقَوْلِهِ :﴿ وَأُولُو الْأَرْحَامِ ﴾ بِإِجْمَاعٍ، لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ يُوجِبُ تَخْصِيصَهَا بِبَعْضِ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَا خِلَافَ فِي عُمُومِهَا، وَهَذَا حَلُّ إشْكَالِهَا.