الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : رَوَى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ عَمِّي أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ : سَمَّيْت بِهِ، لَمْ يَشْهَدْ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ، فَقَالَ : أَوَّلُ مَشْهَدٍ شَهِدَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غِبْت عَنْهُ، أَمَا وَاَللَّهِ لَئِنْ أَرَانِي اللَّهُ مَشْهَدًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا بَعْدَ لَيَرَيَنَّ اللَّهُ مَا أَصْنَعُ.
قَالَ وَهَابَ أَنْ يَقُولَ غَيْرَهَا.
فَشَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ مِنْ الْعَامِ الْقَابِلِ، فَاسْتَقْبَلَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، فَقَالَ : يَا أَبَا عَمْرٍو، أَيْنَ ؟ قَالَ : وَاهَا لِرِيحِ الْجَنَّةِ، إنِّي أَجِدُهَا مِنْ دُونِ أُحُدٍ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، فَوُجِدَ فِي جَسَدِهِ بِضْعٌ وَثَمَانُونَ جِرَاحَةً بَيْنَ ضَرْبَةٍ وَطَعْنَةٍ وَرَمْيَةٍ.
قَالَتْ عَمَّتِي الرُّبَيِّعُ بِنْتُ النَّضْرِ : فَمَا عَرَفْت أَخِي إلَّا بِبَنَانِهِ، وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ.
﴿ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ﴾.
وَكَذَلِكَ رَوَى طَلْحَةُ أَنَّ ﴿ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا لِأَعْرَابِيٍّ جَاهِلٍ : سَلْهُ عَمَّنْ قَضَى نَحْبَهُ مِنْهُمْ، وَكَانُوا لَا يَجْتَرِئُونَ عَلَى مَسْأَلَتِهِ ؛ يُوَقِّرُونَهُ وَيَهَابُونَهُ فَسَأَلَهُ الْأَعْرَابِيُّ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْهُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ إنِّي اطَّلَعْت مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ، وَعَلَيَّ ثِيَابٌ خُضْرٌ، فَلَمَّا رَآنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : أَيْنَ السَّائِلُ عَمَّنْ قَضَى نَحْبَهُ ؟ قَالَ الْأَعْرَابِيُّ : هَا أَنَا ذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ.
قَالَ : هَذَا مِمَّنْ قَضَى نَحْبَهُ ﴾
النَّحْبُ : النَّذْرُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : قَالَ ابْنُ وَهْبٍ : قَالَ مَالِكٌ : سَمِعْت أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ انْتَقَلَ إلَيْهِ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ يَوْمَ الْخَنْدَقِ حِينَ أَصَابَتْهُ


الصفحة التالية
Icon