الْآيَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ : قَوْله تَعَالَى :﴿ وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْت عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْك زَوْجَك وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِك مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاَللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا ﴾.
فِيهَا خَمْسُ مَسَائِلَ : الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : فِي سَبَبِ نُزُولِهَا : رَوَى الْمُفَسِّرُونَ أَنَّ ﴿ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مَنْزِلَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، فَأَبْصَرَ امْرَأَتَهُ قَائِمَةً، فَأَعْجَبَتْهُ ؛ فَقَالَ : سُبْحَانَ مُقَلِّبِ الْقُلُوبِ، فَلَمَّا سَمِعَتْ زَيْنَبُ ذَلِكَ جَلَسَتْ، وَجَاءَ زَيْدٌ إلَى مَنْزِلِهِ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ زَيْنَبَ ؛ فَعَلِمَ أَنَّهَا وَقَعَتْ فِي نَفْسِهِ ؛ فَأَتَى زَيْدٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذَنْ لِي فِي طَلَاقِهَا، فَإِنَّ بِهَا غَيْرَةً وَإِذَايَةً بِلِسَانِهَا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَمْسِكْ أَهْلَك وَفِي قَلْبِهِ غَيْرُ ذَلِكَ، فَطَلَّقَهَا زَيْدٌ.
فَلَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِزَيْدٍ : اُذْكُرْنِي لَهَا فَانْطَلَقَ زَيْدٌ إلَى زَيْنَبَ، فَقَالَ لَهَا : أَبْشِرِي، أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُك.
فَقَالَتْ : مَا أَنَا بِصَانِعَةٍ شَيْئًا، حَتَّى أَسْتَأْمِرَ رَبِّي، وَقَامَتْ إلَى مُصَلَّاهَا فَنَزَلَتْ الْآيَةُ ﴾.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَوْلُهُ :﴿ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ ﴾ أَيْ بِالْإِسْلَامِ.
﴿ وَأَنْعَمْت عَلَيْهِ ﴾، أَيْ بِالْعِتْقِ، هُوَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ الْمُتَقَدِّمُ ذِكْرُهُ.
وَقِيلَ : أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِأَنْ سَاقَهُ إلَيْك، وَأَنْعَمْت عَلَيْهِ بِأَنْ تَبَنَّيْته ؛ وَكُلُّ مَا كَانَ مِنْ اللَّهِ إلَيْهِ أَوْ مِنْ مُحَمَّدٍ إلَيْهِ فَهُوَ نِعْمَةٌ عَلَيْهِ.
الْمَسْأَلَةُ