تَقَعُ فِي قَلْبِهِ إلَّا إذَا كَانَ لَهَا زَوْجٌ، وَقَدْ وَهَبَتْهُ نَفْسَهَا، وَكَرِهَتْ غَيْرَهُ، فَلَمْ تَخْطِرْ بِبَالِهِ، فَكَيْفَ يَتَجَدَّدُ لَهُ هَوًى لَمْ يَكُنْ، حَاشَا لِذَلِكَ الْقَلْبِ الْمُطَهَّرِ مِنْ هَذِهِ الْعَلَاقَةِ الْفَاسِدَةِ.
وَقَدْ قَالَ اللَّهُ لَهُ :﴿ وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْك إلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ﴾.
وَالنِّسَاءُ أَفْتَنُ الزَّهَرَاتِ وَأَنْشَرُ الرَّيَاحِينِ، فَيُخَالِفُ هَذَا فِي الْمُطَلَّقَاتِ، فَكَيْفَ فِي الْمَنْكُوحَاتِ الْمَحْبُوسَاتِ، وَإِنَّمَا كَانَ الْحَدِيثُ أَنَّهَا لَمَّا اسْتَقَرَّتْ عِنْدَ زَيْدٍ جَاءَهُ جِبْرِيلُ : إنَّ زَيْنَبَ زَوْجُك، وَلَمْ يَكُنْ بِأَسْرَعَ أَنْ جَاءَهُ زَيْدٌ يَتَبَرَّأُ مِنْهَا، فَقَالَ لَهُ : اتَّقِ اللَّهَ، وَأَمْسِكْ عَلَيْك زَوْجَك، فَأَبَى زَيْدٌ إلَّا الْفِرَاقَ، وَطَلَّقَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا، وَخَطَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى يَدَيْ مَوْلَاهُ زَوْجِهَا، وَأَنْزَلَ اللَّهُ الْقُرْآنَ الْمَذْكُورَ فِيهِ خَبَرُهُمَا، هَذِهِ الْآيَاتُ الَّتِي تَلَوْنَاهَا وَفَسَّرْنَاهَا، فَقَالَ : وَاذْكُرْ يَا مُحَمَّدُ إذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْت عَلَيْهِ : أَمْسِكْ عَلَيْك زَوْجَك، وَاتَّقِ اللَّهَ فِي فِرَاقِهَا، وَتُخْفِي فِي نَفْسِك مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ يَعْنِي مِنْ نِكَاحِك لَهَا، وَهُوَ الَّذِي أَبْدَاهُ لَا سِوَاهُ.
وَقَدْ عَلِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إذْ أَوْحَى إلَيْهِ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ هَذَا الْخَبَرِ وَظُهُورِهِ ؛ لِأَنَّ الَّذِي يُخْبِرُ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَائِنٌ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لِوُجُوبِ صِدْقِهِ فِي خَبَرِهِ، هَذَا يَدُلُّك عَلَى بَرَاءَتِهِ مِنْ كُلِّ مَا ذَكَرَهُ مُتَسَوِّرٌ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ، مَقْصُورٌ عَلَى عُلُومِ الدِّينِ.
فَإِنْ قِيلَ : فَلِأَيِّ مَعْنًى قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَمْسِكْ عَلَيْك زَوْجَك، وَقَدْ أَخْبَرَهُ اللَّهُ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ لَا زَوْجُ زَيْدٍ ؟ قُلْنَا : هَذَا لَا