: فَهُوَ الَّذِي تَتَابَعَ خَبَرُهُ عَنْ اللَّهِ، وَهُوَ الْمُرْسَلُ بِفَتْحِ السِّينِ، وَلَا يَقْتَضِي التَّتَابُعَ.
وَهُوَ الْمُرْسِلُ : بِكَسْرِ السِّينِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعُمُّ بِالتَّبْلِيغِ مُشَافَهَةً، فَلَمْ يَكُ بُدٌّ مِنْ الرُّسُلِ يَنُوبُونَ عَنْهُ، وَيَتَلَقَّوْنَ مِنْهُ، كَمَا بَلَّغَ عَنْ رَبِّهِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ :﴿ تَسْمَعُونَ، وَيَسْمَعُ مِنْكُمْ، وَيَسْمَعُ مِمَّنْ يَسْمَعُ مِنْكُمْ ﴾.
وَأَمَّا النَّبِيءُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَهُوَ مَهْمُوزٌ مِنْ النَّبَأِ، وَغَيْرُ مَهْمُوزٍ مِنْ النُّبُوَّةِ، وَهُوَ الْمُرْتَفِعُ مِنْ الْأَرْضِ، فَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُخْبِرٌ عَنْ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، رَفِيعُ الْقَدْرِ عِنْدَهُ، فَاجْتَمَعَ لَهُ الْوَصْفَانِ، وَتَمَّ لَهُ الشَّرَفَانِ.
وَأَمَّا الْأُمِّيُّ : فَفِيهِ أَقْوَالٌ ؛ أَصَحُّهَا أَنَّهُ الَّذِي لَا يَقْرَأُ وَلَا يَكْتُبُ، كَمَا خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ وَاَللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا ﴾، ثُمَّ عَلَّمَهُمْ مَا شَاءَ.
وَأَمَّا الشَّهِيدُ : فَهُوَ لِشَهَادَتِهِ عَلَى الْخَلْقِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾.
وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى أَنَّهُ تَشْهَدُ لَهُ الْمُعْجِزَةُ بِالصِّدْقِ، وَالْخَلْقُ بِظُهُورِ الْحَقِّ.
وَأَمَّا الْمُصَدِّقُ : فَهُوَ بِمَا صَدَّقَ بِجَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنْ التَّوْرَاةِ ﴾.
وَأَمَّا النُّورُ : فَإِنَّمَا هُوَ نُورٌ بِمَا كَانَ فِيهِ الْخَلْقُ مِنْ ظُلُمَاتِ الْكُفْرِ وَالْجَهْلِ، فَنَوَّرَ اللَّهُ الْأَفْئِدَةَ بِالْإِيمَانِ وَالْعِلْمِ.
وَأَمَّا الْمُسْلِمُ : فَهُوَ خَيْرُهُمْ وَأَوَّلُهُمْ، كَمَا قَالَ :﴿ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾.
وَتَقَدَّمَ فِي ذَلِكَ بِشَرَفِ انْقِيَادِهِ بِكُلِّ وَجْهٍ، وَبِكُلِّ حَالٍ إلَى اللَّهِ وَبِسَلَامَةٍ عَنْ الْجَهْلِ وَالْمَعَاصِي.


الصفحة التالية
Icon