الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : قَوْله تَعَالَى :﴿ أَزْوَاجَك ﴾ وَالنِّكَاحُ وَالزَّوْجِيَّةُ مَعْرُوفَةٌ.
وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي مَعْنَى الزَّوْجِيَّةِ فِي حَقِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ هَلْ هُنَّ كَالسَّرَائِرِ عِنْدَنَا، أَوْ حُكْمُهُنَّ حُكْمُ الْأَزْوَاجِ الْمُطَلَّقَةِ ؟ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ : فِي ذَلِكَ اخْتِلَافٌ ؛ وَسَنُبَيِّنُهُ فِي قَوْلِهِ :﴿ تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ ﴾ وَالصَّحِيحُ أَنَّ لَهُنَّ حُكْمَ الْأَزْوَاجِ فِي حَقِّ غَيْرِهِ، فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَهَلْ الْمُرَادُ بِذَلِكَ كُلُّ زَوْجَةٍ أَمْ مَنْ تَحْتَهُ مِنْهُنَّ ؟ وَهِيَ : الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ : فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ : قِيلَ : إنَّ الْمَعْنَى أَحْلَلْنَا أَزْوَاجَك اللَّاتِي آتَيْت أُجُورَهُنَّ أَيْ كُلَّ زَوْجَةٍ آتَيْتهَا مَهْرَهَا، وَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْآيَةُ عُمُومًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِأُمَّتِهِ.
الثَّانِي : وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ أَحْلَلْنَا لَك أَزْوَاجَك الْكَائِنَاتِ عِنْدَك، وَهُوَ الظَّاهِرُ ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ :﴿ آتَيْت ﴾ خَبَرٌ عَنْ أَمْرٍ مَاضٍ ؛ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ بِظَاهِرِهِ، وَلَا يَكُونُ الْفِعْلُ الْمَاضِي بِمَعْنَى الِاسْتِقْبَالِ إلَّا بِشُرُوطٍ لَيْسَتْ هَاهُنَا، يَطُولُ الْكِتَابُ بِذِكْرِهَا، وَلَيْسَتْ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ.
﴿ وَقَدْ عَقَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عِدَّةٍ مِنْ النِّسَاءِ نِكَاحَهُ ﴾، فَذَكَرْنَا عِدَّتَهُنَّ فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا هَاهُنَا وَفِي غَيْرِهِ ؛ وَهُنَّ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَعَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ وَسَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ، وَحَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ، وَأَمُّ سَلَمَةَ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَأَمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ، فَهَؤُلَاءِ سِتُّ قُرَشِيَّاتٍ.
وَزَيْنَبُ بِنْتُ خُزَيْمَةَ الْعَامِرِيَّةُ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ الْأَسَدِيَّةُ أَسَدُ خُزَيْمَةَ، وَمَيْمُونَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ الْهِلَالِيَّةُ، وَصَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ الْهَارُونِيَّةُ، وَجُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ الْمُصْطَلِقِيَّةُ، وَمَاتَ عَنْ تِسْعٍ، وَسَائِرُهُنَّ فِي شَرْحِ


الصفحة التالية
Icon