بِهَا حَاجَةٌ.
وَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْهِبَةُ غَيْرَ جَائِزَةٍ لَمَا سَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقِرُّ عَلَى الْبَاطِلِ إذَا سَمِعَهُ، حَسْبَمَا قَرَّرْنَاهُ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ.
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سُكُوتُهُ ؛ لِأَنَّ الْآيَةَ قَدْ كَانَتْ بِالْإِحْلَالِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَكَتَ مُنْتَظِرًا بَيَانًا ؛ فَنَزَلَتْ الْآيَةُ بِالتَّحْلِيلِ وَالتَّخْيِيرِ ؛ فَاخْتَارَ تَرْكَهَا وَزَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِهِ.
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَكَتَ نَاظِرًا فِي ذَلِكَ حَتَّى قَامَ الرَّجُلُ لَهَا طَالِبًا.
وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ : كُنْت أَغَارُ مِنْ اللَّاتِي وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَتْ : أَمَا تَسْتَحِي امْرَأَةٌ أَنْ تَهَبَ نَفْسَهَا، حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ :﴿ تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إلَيْك مَنْ تَشَاءُ ﴾ فَقُلْت : مَا أَرَى رَبَّك إلَّا يُسَارِعُ فِي هَوَاك.
فَاقْتَضَى هَذَا اللَّفْظُ أَنَّ مَنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ عِدَّةٌ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَنَا أَنَّهُ تَزَوَّجَ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً أَمْ لَا.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ : قَوْلُهُ :﴿ وَامْرَأَةً ﴾ الْمَعْنَى أَحْلَلْنَا لَك امْرَأَةً تَهَبُ نَفْسَهَا مِنْ غَيْرِ صَدَاقٍ فَإِنَّهُ أَحَلَّ لَهُ فِي الْآيَةِ قَبْلَهَا أَزْوَاجَهُ اللَّاتِي آتَى أُجُورَهُنَّ.
وَهَذَا مَعْنًى يُشَارِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ ؛ فَزَادَهُ فَضْلًا عَلَى أُمَّتِهِ أَنْ أَحَلَّ لَهُ الْمَوْهُوبَةَ، وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ غَيْرِهِ.


الصفحة التالية
Icon