قُلْت : أُحَدِّثُك بِالْحَدِيثِ الرُّبَاعِيِّ خَالِصًا لَك دُونَ أَصْحَابِك لَمَا كَانَ رُجُوعُ الْحَالِ إلَّا إلَى الْمَقْصُودِ الْمَوْصُوفِ، وَهُوَ الْحَدِيثُ ؛ هَذَا عَلَى نِظَامِ التَّقْدِيرِ، فَلَوْ قُلْت عَلَى لَفْظِ أُحَدِّثُك بِحَدِيثٍ إنْ وَجَدْته بِأَرْبَعِ رِوَايَاتٍ خَالِصًا ذَلِكَ دُونَ أَصْحَابِك لَرَجَعَتْ الْحَالُ إلَى الْمَقْصُودِ الْمَوْصُوفِ أَيْضًا، دُونَ الصِّفَةِ ؛ وَهَذَا لَا يَفْهَمُهُ إلَّا الْمُتَحَقِّقُونَ فِي الْعَرَبِيَّةِ، وَمَا أَرَى مَنْ عَزَا إلَى الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ :﴿ خَالِصَةً ﴾ يَرْجِعُ إلَى النِّكَاحِ بِلَفْظِ الْهِبَةِ إلَّا قَدْ وَهَمَ، لِأَجْلِ مَكَانَتِهِ مِنْ الْعَرَبِيَّةِ.
وَالنِّكَاحُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ جَائِزٌ عِنْدَ عُلَمَائِنَا، مَعْرُوفٌ بِدَلِيلِهِ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ : قَوْله تَعَالَى :﴿ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ فَائِدَتُهُ أَنَّ الْكُفَّارَ وَإِنْ كَانُوا مُخَاطَبِينَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ عِنْدَنَا فَلَيْسَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ دُخُولٌ ؛ لِأَنَّ تَصْرِيفَ الْأَحْكَامِ إنَّمَا تَكُونُ بَيْنَهُمْ عَلَى تَقْدِيرِ الْإِسْلَامِ.