الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ : قَوْله تَعَالَى :﴿ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْك حَرَجٌ ﴾ أَيْ ضِيقٌ فِي أَمْرٍ أَنْتَ فِيهِ مُحْتَاجٌ إلَى السَّعَةِ، كَمَا أَنَّهُ ضَيَّقَ عَلَيْهِمْ فِي أَمْرٍ لَا يَسْتَطِيعُونَ فِيهِ شَرْطَ السَّعَةِ عَلَيْهِمْ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ وَالْعِشْرُونَ : قَوْله تَعَالَى :﴿ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ قَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى ذَلِكَ فِي كِتَابِ " الْأَمَدِ الْأَقْصَى " بَيَانًا شَافِيًا.
وَالْمِقْدَارُ الَّذِي يَنْتَظِمُ بِهِ الْكَلَامُ هَاهُنَا أَنَّهُ لَمْ يُؤَاخِذْ النَّاسَ بِذُنُوبِهِمْ، بَلْ بِقَوْلِهِمْ، وَرَحِمَهُمْ وَشَرَّفَ رُسُلَهُ الْكِرَامَ، فَجَعَلَهُمْ فَوْقَهُمْ، وَلَمْ يُعْطِ عَلَى مِقْدَارِ مَا يَسْتَحِقُّونَ، إذْ لَا يَسْتَحِقُّونَ عَلَيْهِ شَيْئًا ؛ بَلْ زَادَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ، وَعَمَّهُمْ بِرِفْقِهِ وَلُطْفِهِ، وَلَوْ أَخَذَهُمْ بِذُنُوبِهِمْ، وَأَعْطَاهُمْ عَلَى قَدْرِ حُقُوقِهِمْ عِنْدَ مَنْ يَرَى ذَلِكَ مِنْ الْمُبْتَدِعَةِ أَوْ عَلَى تَقْدِيرِ ذَلِكَ فِيهِمْ، لَمَا وَجَبَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْءٌ، وَلَا غُفِرَ لِلْخَلْقِ ذَنْبٌ ؛ وَلَكِنَّهُ أَنْعَمَ عَلَى الْكُلِّ، وَقَدَّمَ مَنَازِلَ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، وَأَعْطَى كُلًّا عَلَى قَدْرِ عِلْمِهِ وَحُكْمِهِ وَحِكْمَتِهِ ؛ وَذَلِكَ كُلُّهُ بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ.


الصفحة التالية
Icon