الْآيَةُ الثَّانِيَةُ قَوْله تَعَالَى :﴿ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾.
فِيهَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ : الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فِي شَرْحِ الْكَلِمَةِ ؛ وَهِيَ النُّبُوَّةُ فِي قَوْلٍ، وَالتَّوْحِيدُ فِي قَوْلٍ آخَرَ ؛ وَلَا جَرَمَ لَمْ تَزَلْ النُّبُوَّةُ بَاقِيَةً فِي ذُرِّيَّةِ إبْرَاهِيمَ وَالتَّوْحِيدُ هُمْ أَصْلُهُ، وَغَيْرُهُمْ فِيهِ تَبَعٌ لَهُمْ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ :﴿ فِي عَقِبِهِ ﴾ : بِنَاءُ ع ق ب لِمَا يَخْلُفُ الشَّيْءَ، وَيَأْتِي بَعْدَهُ، يُقَالُ : عَقَبَ يَعْقُبُ عُقُوبًا وَعَقِبًا إذَا جَاءَ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ، وَلِهَذَا قِيلَ لِوَلَدِ الرَّجُلِ مِنْ بَعْدِهِ عَقِبُهُ.
وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ أَنَّهُ سَافَرَ فِي عَقِبِ رَمَضَانَ وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ عَلَى مَوَارِدِ كَثِيرَةٍ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ إنَّمَا كَانَتْ لِإِبْرَاهِيمَ فِي الْأَعْقَابِ مَوْصُولَةً بِالْأَحْقَابِ بِدَعْوَتَيْهِ الْمُجَابَتَيْنِ : إحْدَاهُمَا بِقَوْلِهِ :﴿ إنِّي جَاعِلُك لِلنَّاسِ إمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ﴾ فَقَدْ قَالَ لَهُ : نَعَمْ، إلَّا مَنْ ظَلَمَ مِنْهُمْ، فَلَا عَهْدَ لَهُ.
ثَانِيهِمَا قَوْلُهُ :﴿ وَاجْنُبْنِي وَبَنِي أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ ﴾.
وَقِيلَ بَدَلُ الْأُولَى :﴿ وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ ﴾ فَكُلُّ أُمَّةٍ تُعَظِّمُهُ ؛ بَنُوهُ وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ يَجْتَمِعُ مَعَهُ فِي سَامٍ أَوْ فِي نُوحٍ.


الصفحة التالية
Icon