الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ قَوْلُهُ :﴿ مِنْكُمْ ﴾.
يَعْنِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ ؛ وَذَلِكَ يَقْتَضِي خُرُوجَ الذِّمِّيِّ مِنْ الْخِطَابِ.
فَإِنْ قِيلَ : هَذَا اسْتِدْلَالٌ بِدَلِيلِ الْخِطَابِ.
قُلْنَا : هُوَ اسْتِدْلَالٌ بِالِاشْتِقَاقِ.
وَالْمَعْنَى فَإِنَّ أَنْكِحَةَ الْكُفَّارِ فَاسِدَةٌ مُسْتَحِقَّةُ الْفَسْخِ، فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهَا حُكْمُ طَلَاقٍ وَلَا ظِهَارٍ، وَذَلِكَ كَقَوْلِهِ :﴿ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ ﴾.
وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : يَصِحُّ ظِهَارُ الذِّمِّيِّ ؛ وَهِيَ مَسْأَلَةُ خِلَافٍ عُظْمَى.
وَقَدْ مَدَدْنَا إطْنَابَ الْقَوْلِ فِيهَا فِي مَسْأَلَةِ الْخِلَافِ.
وَلُبَابُهُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ عِنْدَنَا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ بِغَيْرِ خِلَافٍ ؛ وَإِذَا خُوطِبُوا فَإِنَّ أَنْكِحَتَهُمْ فَاسِدَةٌ لِإِخْلَالِهِمْ بِشُرُوطِهَا مِنْ وَلِيٍّ وَأَهْلٍ وَصَدَاقٍ وَوَصْفِ صَدَاقٍ، فَقَدْ يَعْقِدُونَ بِغَيْرِ صَدَاقٍ، وَيَعْقِدُونَ [ بِغَيْرِ مَالٍ كَخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ، وَيَعْقِدُونَ فِي الْعِدَّةِ وَيَعْقِدُونَ ] نِكَاحَ الْمُحَرَّمَاتِ، وَإِذَا خَلَتْ الْأَنْكِحَةُ عَنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ فَهِيَ فَاسِدَةٌ، وَلَا ظِهَارَ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ بِحَالٍ.