كَالْإِيلَاءِ.
فَإِنْ قِيلَ : فَإِذَا رَآهَا كَالْأُمِّ لَمْ يُمْسِكْهَا ؛ إذْ لَا يَصِحُّ إمْسَاكُ الْأُمِّ بِالنِّكَاحِ.
وَهَذَا عُمْدَةُ أَهْلِ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ.
قُلْنَا : إذَا عَزَمَ عَلَى خِلَافِ مَا قَالَ، وَرَآهَا خِلَافَ الْأُمِّ كَفَّرَ، وَعَادَ إلَى أَهْلِهِ.
وَتَحْقِيقُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ الْعَزْمَ قَوْلٌ نَفْسِيٌّ، وَهَذَا رَجُلٌ قَالَ قَوْلًا يَقْتَضِي التَّحْلِيلَ، وَهُوَ النِّكَاحُ، وَقَالَ قَوْلًا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ وَهُوَ الظِّهَارُ، ثُمَّ عَادَ لِمَا قَالَ، وَهُوَ قَوْلُ التَّحْلِيلِ ؛ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ ابْتِدَاءَ عَقْدٍ ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ بَاقٍ، فَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَنَّهُ قَوْلُ عَزْمٍ يُخَالِفُ مَا اعْتَقَدَهُ، وَقَالَهُ فِي نَفْسِهِ مِنْ الظِّهَارِ الَّذِي أَخْبَرَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ : أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي.
وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَفَّرَ، وَعَادَ إلَى أَهْلِهِ لِقَوْلِهِ :﴿ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ﴾، وَهَذَا تَفْسِيرٌ بَالِغٌ فِي فَنِّهِ.
فَإِنْ قِيلَ : الْعَزْمُ عَلَى الْفِعْلِ مُحَرَّمٌ، فَلَا أَثَرَ لَهُ فِي مُوَافَقَةِ الْمُحَرَّمِ.
قُلْنَا : هَذَا لَا مَعْنَى لَهُ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَعْزِمُ عَلَى مَا يَجُوزُ لَهُ بِمُحَلَّلٍ، وَهُوَ الْكَفَّارَةُ.