الْآيَةُ الرَّابِعَةُ قَوْله تَعَالَى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا نَاجَيْتُمْ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجَوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾.
فِيهَا مَسْأَلَتَانِ : الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَلْقَمَةَ الْأَنْمَارِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ :﴿ لَمَّا نَزَلَتْ :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا نَاجَيْتُمْ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ﴾ قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : دِينَارٌ ؛ قُلْت : لَا يُطِيقُونَهُ.
قَالَ : نِصْفُ دِينَارٍ.
قُلْت : لَا يُطِيقُونَهُ.
قَالَ : فَكَمْ ؟ قُلْت : شَعِيرَةٌ.
قَالَ إنَّك لَزَهِيدٌ.
فَنَزَلَتْ :﴿ أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجَوَاكُمْ صَدَقَاتٍ ﴾ قَالَ : فَبِي خَفَّفَ اللَّهُ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ }.
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى مَسْأَلَتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ أُصُولِيَّتَيْنِ : الْأُولَى نَسْخُ الْعِبَادَةِ قَبْلَ فِعْلِهَا.
الثَّانِيَةُ النَّظَرُ فِي الْمُقَدَّرَاتِ بِالْقِيَاسِ، خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ.
وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ.
وَمَعْنَى قَوْلِهِ : شَعِيرَةٌ.
يُرِيدُ وَزْنَ شَعِيرَةٍ [ مِنْ ذَهَبٍ ].
وَقَدْ رُوِيَ [ عَنْ ] مُجَاهِدٍ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ تَصَدَّقَ فِي ذَلِكَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، تَصَدَّقَ بِدِينَارٍ، وَنَاجَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرُوِيَ [ أَنَّهُ تَصَدَّقَ ] بِخَاتَمٍ، وَهَذَا كُلُّهُ لَا يَصِحُّ.
وَقَدْ سَرَدَ الْمَسْأَلَةَ كَمَا يَجِبُ أَسْلَمُ فِي رِوَايَةِ زَيْدٍ ابْنِهِ عَنْهُ.