الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ قَوْله تَعَالَى :﴿ وَذَرُوا الْبَيْعَ ﴾ : وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَى الْعَمَلِ بِهِ، وَلَا خِلَافَ فِي تَحْرِيمِ الْبَيْعِ.
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ إذَا وَقَعَ ؛ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ يُفْسَخُ.
وَقَالَ الْمُغِيرَةُ : يُفْسَخُ مَا لَمْ يَفُتْ.
وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْوَاضِحَةِ، وَأَشْهَبُ، وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ : الْبَيْعُ مَاضٍ.
وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ : يُفْسَخُ بَيْعُ مَنْ جَرَتْ عَادَتُهُ بِهِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : لَا يُفْسَخُ بِكُلِّ حَالٍ.
وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ بِالْفَسْخِ فِي تَفْصِيلٍ قَرِيبٍ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ.
وَقَدْ بَيَّنَّا تَوْجِيهَ ذَلِكَ فِي الْفِقْهِ، وَحَقَّقْنَا أَنَّ الصَّحِيحَ فَسْخُهُ بِكُلِّ حَالٍ ؛ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الصَّحِيحِ ﴿ : مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ.
﴾ الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ فَإِنْ كَانَ نِكَاحًا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ : لَا يُفْسَخُ.
قَالَ عُلَمَاؤُنَا : لِأَنَّهُ نَادِرٌ، وَيَقْرُبُ هَذَا مِنْ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ : يُفْسَخُ بَيْعُ مَنْ جَرَتْ عَادَتُهُ بِالْبَيْعِ.
وَقَالُوا : إنَّ الشَّرِكَةَ وَالْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ نَادِرٌ لَا يُفْسَخُ.
وَالصَّحِيحُ فَسْخُ الْجَمِيعِ ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ إنَّمَا مُنِعَ لِلِاشْتِغَالِ بِهِ، فَكُلُّ أَمْرٍ يَشْغَلُ عَنْ الْجُمُعَةِ مِنْ الْعُقُودِ كُلِّهَا فَهُوَ حَرَامٌ شَرْعًا مَفْسُوخٌ رَدْعًا.