السُّنَّةِ، وَلَيْسَ بِعِدَّةٍ ؛ لِأَنَّهُ حَيْضَةٌ وَاحِدَةٌ، وَسُمِّيَتْ مُدَّةُ الِاسْتِبْرَاءِ عِدَّةً لِأَنَّهَا مُدَّةٌ ذَاتُ عَدَدٍ تُعْتَبَرُ بِحِلٍّ وَتَحْرِيمٍ.
وَأَمَّا مَحِلُّهَا فَهِيَ الْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ.
وَأَمَّا أَنْوَاعُهَا فَهِيَ أَرْبَعَةٌ : ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ.
وَوَضْعُ الْحَمْلِ، كَمَا جَاءَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ.
وَسَنَةٌ كَمَا جَاءَ فِي السُّنَّةِ، فَهَذِهِ جُمْلَتُهَا، وَفِيهَا تَفَاصِيلُ عَظِيمَةٌ بِاخْتِلَافِ الْأَسْبَابِ وَتَعَارُضِهَا، وَاخْتِلَافُ أَحْوَالِ النِّسَاءِ، وَالتَّدَخُّلُ الطَّارِئُ عَلَيْهَا، وَالْعَوَارِضُ اللَّاحِقَةُ لَهَا، بَيَانُهَا فِي مَسَائِلِ الْفِقْهِ.
وَمَحْصُولُهَا اللَّائِقُ بِهَذَا الْفَنِّ الَّذِي تَصَدَّيْنَا لَهُ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ : الْقِسْمُ الْأَوَّلُ : الْمُعْتَادَةُ.
الْقِسْمُ الثَّانِي مُتَأَخِّرٌ حَيْضُهَا لِعُذْرٍ.
الْقِسْمُ الثَّالِثُ : الصَّغِيرَةُ.
الْقِسْمُ الرَّابِعُ الْآيِسَةُ.
فَأَمَّا الْمُعْتَادَةُ فَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ ؛ وَتَحِلُّ إذَا طَعَنَتْ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ ؛ لِأَنَّ الْأَطْهَارَ هِيَ الْأَقْرَاءُ، وَقَدْ كَمُلَتْ ثَلَاثَةً.
وَأَمَّا مَنْ تَأَخَّرَ حَيْضُهَا لِمَرَضٍ ؛ فَقَالَ مَالِكٌ، وَابْنُ الْقَاسِمِ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَأَصْبَغُ : تَعْتَدُّ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ ثَلَاثَةً.
وَقَالَ أَشْهَبُ : هِيَ كَالْمُرْضِعِ بَعْدَ الْفِطَامِ بِالْحَيْضِ أَوْ بِالسَّنَةِ، وَقَدْ طَلَّقَ حِبَّانُ بْنُ مُنْقِذٍ امْرَأَتَهُ وَهِيَ تُرْضِعُ فَمَكَثَتْ سَنَةً لَا تَحِيضُ لِأَجْلِ الرَّضَاعِ، ثُمَّ مَرِضَ حِبَّانُ، فَخَافَ أَنْ تَرِثَهُ إنْ مَاتَ فَخَاصَمَهَا إلَى عُثْمَانَ، وَعِنْدَهُ عَلِيٌّ وَزَيْدٌ، فَقَالَا : نَرَى أَنْ تَرِثَهُ ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْقَوَاعِدِ، وَلَا مِنْ الصِّغَارِ ؛ فَمَاتَ حِبَّانُ، فَوَرِثَتْهُ، وَاعْتَدَّتْ عِدَّةَ الْوَفَاةِ.
وَلَوْ تَأَخَّرَ الْحَيْضُ لِغَيْرِ مَرَضٍ وَلَا رَضَاعٍ فَإِنَّهَا تَنْتَظِرُ سَنَةً لَا حَيْضَ فِيهَا : تِسْعَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ ثَلَاثَةً ؛ فَتَحِلُّ مَا لَمْ تَرْتَبْ بِحَمْلٍ، فَإِنْ ارْتَابَتْ