الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ قَوْلُهُ :﴿ إلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ ﴾ : اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ : الْأَوَّلُ : أَنَّهُ الزِّنَا.
الثَّانِي : أَنَّهُ الْبَذَاءُ ؛ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ.
الثَّالِثُ : أَنَّهُ كُلُّ مَعْصِيَةٍ.
وَاخْتَارَهُ الطَّبَرِيُّ.
الرَّابِعُ : أَنَّهُ الْخُرُوجُ مِنْ الْبَيْتِ ؛ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عُمَرَ.
فَأَمَّا مَنْ قَالَ : إنَّهُ الْخُرُوجُ لِلزِّنَا فَلَا وَجْهَ لَهُ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْخُرُوجَ هُوَ خُرُوجُ الْقَتْلِ وَالْإِعْدَامِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُسْتَثْنًى فِي حَلَالٍ وَلَا حَرَامٍ.
وَأَمَّا مَنْ قَالَ : إنَّهُ الْبَذَاءُ فَهُوَ مُعْتَبَرٌ فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ.
وَأَمَّا مَنْ قَالَ : إنَّهُ كُلُّ مَعْصِيَةٍ فَوَهْمٌ ؛ لِأَنَّ الْغَيْبَةَ وَنَحْوَهَا مِنْ الْمَعَاصِي لَا تُبِيحُ الْإِخْرَاجَ وَلَا الْخُرُوجَ.
وَأَمَّا مَنْ قَالَ : إنَّهُ الْخُرُوجُ بِغَيْرِ حَقٍّ فَهُوَ صَحِيحٌ.
وَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ : لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ شَرْعًا إلَّا أَنْ يَخْرُجْنَ تَعَدِّيًا.
وَتَحْقِيقُ الْقَوْلِ فِي الْآيَةِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ السُّكْنَى، وَحَرَّمَ الْخُرُوجَ وَالْإِخْرَاجَ تَحْرِيمًا عَامًّا، وَقَدْ ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ مَا بَيَّنَّاهُ، وَرَتَّبْنَا عَلَيْهِ إيضَاحَ الْخُرُوجِ الْمَمْنُوعِ مِنْ الْجَائِزِ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.