النِّكَاحِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْوَصْلَةِ مَعَ عَدَمِ الْأُلْفَةِ لَا بِقَصْدِ الْإِضْرَارِ، حَسْبَمَا كَانَ يَفْعَلُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ ؛ كَانُوا يُطَلِّقُونَ الْمَرْأَةَ حَتَّى إذَا أَشْرَفْت عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَشْهَدَ بِرَجْعَتِهَا حَتَّى إذَا مَرَّ لِذَلِكَ مُدَّةٌ طَلَّقَهَا هَكَذَا، كُلَّمَا رَدَّهَا طَلَّقَهَا، فَإِذَا أَشْرَفَتْ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ رَاجَعَهَا، لَا رَغْبَةً ؛ لَكِنْ إضْرَارًا وَإِذَايَةً، فَنُهُوا أَنْ يُمْسِكُوا أَوْ يُفَارِقُوا إلَّا بِالْمَعْرُوفِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي قَوْلِهِ :﴿ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا ﴾.
وَقَوْلِهِ :﴿ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ﴾.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ قَوْلُهُ :﴿ فَإِذَا بَلَغْنَ ﴾ : يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَرْأَةِ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ إذَا ادَّعَتْ ذَلِكَ فِيمَا يُمْكِنُ، عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِي قَوْلِهِ :﴿ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ ﴾ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ ﴿ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ﴾ : اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ كَاخْتِلَافِهِمْ فِي قَوْلِهِ :﴿ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ ﴾ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ، تَمَامُهُ أَنَّ الزَّوْجَ لَهُ الرَّجْعَةُ فِي الْعِدَّةِ بِلَا خِلَافٍ، وَالرَّجْعَةُ تَكُونُ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ عِنْدَنَا، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَاللَّيْثُ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : لَا تَصِحُّ إلَّا بِالْقَوْلِ.
وَقَدْ اخْتَلَفَ فِيهِ التَّابِعُونَ قَدِيمًا، بَيْدَ أَنَّ عُلَمَاءَنَا قَالُوا : إنَّ الرَّجْعَةَ لَا تَكُونُ بِالْفِعْلِ، حَتَّى تَقْتَرِنَ بِهِ النِّيَّةُ، فَيَقْصِدَ بِالْوَطْءِ أَوْ الْقُبْلَةِ الرَّجْعَةَ وَبِالْمُبَاشَرَةِ كُلَّهَا.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَاللَّيْثُ : الْوَطْءُ مُجَرَّدًا رَجْعَةٌ، وَهَذَا يَنْبَنِي عَلَى أَصْلٍ، هُوَ : الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ هَلْ الرَّجْعِيَّةُ مُحَرِّمَةُ الْوَطْءِ أَمْ لَا ؟ فَعِنْدَنَا أَنَّهَا مُحَرِّمَةُ الْوَطْءِ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَعَطَاءٌ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ :