يُقْتَلُ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ إنْذَارٍ وَلَا إمْهَالٍ وَعَلَامَتُهُ الْبَتْرُ وَالطُّفَى لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ اُقْتُلُوا الْأَبْتَرَ وَذَا الطُّفْيَتَيْنِ ﴾ ؛ فَإِنْ كَانَتْ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الْهَيْئَةِ احْتَمَلَ أَنْ تَكُونَ حَيَّةً أَصْلِيَّةً، وَاحْتَمَلَ أَنْ تَكُونَ جِنِّيًّا [ تَصَوَّرَ ] بِصُورَتِهَا، فَلَا يَصِحُّ الْإِقْدَامُ بِالْقَتْلِ عَلَى الْمُحْتَمِلِ، لِئَلَّا يُصَادِفَ مَنْهِيًّا عَنْهُ حَسْبَمَا يُرْوَى لِلْعَرُوسِ بِالْمَدِينَةِ حِينَ قَتَلَ الْحَيَّةَ، فَلَمْ يُعْلَمْ أَيُّهُمَا كَانَ أَسْرَعَ مَوْتًا هُوَ أَمْ الْحَيَّةُ.
وَيَكْشِفُ هَذَا الْخَفَاءَ الْإِنْذَارُ، فَإِنْ صَرُمَ كَانَ عَلَامَةً عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ، أَوْ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْحَيَّاتِ الْأَصْلِيَّاتِ، إذْ لَمْ يُؤْذَنْ لِلْجِنِّ فِي التَّصَوُّرِ عَلَى الْبَتْرِ وَالطُّفَى، وَلَوْ تَصَوَّرَتْ فِي هَذَا كَتَصَوُّرِهَا فِي غَيْرِهِ لَمَا كَانَ لِتَخْصِيصِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْإِطْلَاقِ بِالْقَتْلِ فِي ذَيْنِ وَالْإِنْذَارِ فِي سِوَاهُمَا مَعْنًى.
وَإِنَّمَا تَعَلَّقَ الْبَلِيدُ وَالْمُرْتَابُ بِعَدَمِ فَهْمِهِنَّ، فَيُقَالُ : إيهٍ اُنْظُرْ إلَى التَّقْسِيمِ، إنْ كُنْت تُرِيدُ التَّسْلِيمَ لَا يَخْلُو أَنْ تَكُونَ حَيَّةً جِنِّيَّةً أَوْ أَصْلِيَّةً، فَإِنْ كَانَتْ جِنِّيَّةً فَهِيَ أَفْهَمُ مِنْك، وَإِنْ كَانَتْ أَصْلِيَّةً فَصَاحِبُ الشَّرْعِ أَذِنَ فِي الْخِطَابِ، وَلَوْ كَانَ لِمَنْ لَا يَفْهَمُ لَكَانَ أَمْرًا بِالتَّلَاعُبِ.
وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ.
فَإِنْ شَكَّ فِي النُّبُوَّةِ، أَوْ فِي خَلْقِ الْجِنِّ، أَوْ فِي صِفَةٍ مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ فَلْيَنْظُرْ فِي الْمُقْسِطِ وَالْمُتَوَسِّطِ وَالْمُشْكِلَيْنِ يُعَايِنُ الشِّفَاءَ مِنْ هَذَا الْإِشْكَالِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
فَإِنْ قِيلَ : إنَّمَا يَحْتَاجُ الْإِنْذَارُ لِلتَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْجَانِّ وَالْحَيَوَانِ، فَإِنْ كَفَّ فَهُوَ جِنٌّ مُؤْمِنٌ، وَإِلَّا كَانَ كَافِرًا أَوْ حَيَوَانًا.
قُلْنَا : أَمَّا الْحَيَوَانُ فَقَدْ جُعِلَتْ لَهُ عَلَامَةٌ.
وَأَمَّا غَيْرُهُ فَقَدْ خُصَّ بِالْإِنْذَارِ ؛