الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ :" هِيَ " نَزَعَ بِذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ إلَى أَنَّهَا فِي لَيْلَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ ؛ لِأَنَّهُمْ عَدُّوا حُرُوفَ السُّورَةِ، فَلَمَّا بَلَغُوا إلَى قَوْلِهِمْ :( هِيَ ) وَجَدُوهَا سَبْعَةً وَعِشْرِينَ حَرْفًا، فَحَكَمُوا عَلَيْهِ بِهَا، وَهُوَ أَمْرٌ بَيِّنٌ، وَعَلَى النَّظَرِ بَعْدَ التَّفَطُّنِ لَهُ هَيِّنٌ، وَلَا يَهْتَدِي لَهُ إلَّا مَنْ كَانَ صَادِقَ الْفِكْرِ، شَدِيدَ الْعِبْرَةِ، وَقَدْ أَشْبَعْت الْقَوْلَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِ شَرْحِ الصَّحِيحَيْنِ.
وَلُبَابُهُ اللَّائِقُ بِالْأَحْكَامِ أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي تَحْرِيرِهَا عَلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ قَوْلًا : الْأَوَّلُ أَنَّهَا فِي الْعَامِ كُلِّهِ.
سُئِلَ ابْنُ مَسْعُودٍ عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ ؛ فَقَالَ : مَنْ يَقُمْ الْحَوْلَ يُصِبْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ.
الثَّانِي أَنَّهَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ دُونَ سَائِرِ شُهُورِ الْعَامِ ؛ قَالَهُ سَائِرُ الْأَئِمَّةِ عَدَا مَا سَمَّيْنَاهُ.
الثَّالِثُ : أَنَّهَا لَيْلَةُ سَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ الشَّهْرِ ؛ قَالَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ.
الرَّابِعُ أَنَّهَا لَيْلَةُ إحْدَى وَعِشْرِينَ.
الْخَامِسُ أَنَّهَا لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ.
السَّادِسُ أَنَّهَا لَيْلَةُ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ.
السَّابِعُ أَنَّهَا لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ.
الثَّامِنُ أَنَّهَا لَيْلَةُ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ.
التَّاسِعُ أَنَّهَا فِي الْأَشْفَاعِ لِلْأَفْرَادِ الْخَمْسَةِ ؛ فَإِذَا أَضَفْتهَا إلَى الثَّمَانِيَةِ الْأَقْوَالِ اجْتَمَعَ فِيهَا ثَلَاثَةَ عَشْرَ قَوْلًا، أُصُولُهَا هَذِهِ التِّسْعَةُ الَّتِي أَشَرْنَا إلَيْهَا.
تَوْجِيهُ الْأَقْوَالِ وَأَدِلَّتُهَا : أَمَّا قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ إنَّهَا فِي الْعَامِ كُلِّهِ، فَنَزَعَ إلَى أَنَّهَا مَوْجُودَةٌ شَرْعًا، مُخْبَرٌ عَنْهَا قَطْعًا وَلَمْ يَتَعَيَّنْ لِتَوْقِيتِهَا دَلِيلٌ، فَبَقِيَتْ مُتَرَقَّبَةً فِي الزَّمَانِ كُلِّهِ، وَقَدْ رَآهُ ابْنُ مَسْعُودٍ مَعَ فِقْهِهِ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَعِلْمِهِ بِهِ.
وَأَمَّا مَنْ قَالَ : إنَّهَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَلِأَنَّ { النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْأُوَلَ