الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ : أَنْتِ طَالِقٌ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَلِلْعُلَمَاءِ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ : الْأَوَّلُ لَا تَطْلُقُ حَتَّى يَتِمَّ الْعَامُ مِنْ أَوَّلِ يَمِينِهِ، لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ فِي الْعَامِ، فَلَا يَبْطُلُ [ يَقِينُ ] النِّكَاحِ بِالشَّكِّ فِي الطَّلَاقِ إجْمَاعًا مِنْ أَكْثَرِ الْأَئِمَّةِ.
الثَّانِي إذَا كَانَ آخِرُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ طَلُقَتْ ؛ لِأَنَّهَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ كَمَا ثَبَتَ فِي الْآثَارِ ؛ وَلَا يَتَعَيَّنُ تَعْيِينُهَا إلَّا بِدُخُولِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، فَلَا يَقَعُ يَقِينُ الْفِرَاقِ الَّذِي يَرْتَفِعُ بِهِ يَقِينُ النِّكَاحِ إلَّا حِينَئِذٍ.
الثَّالِثُ : أَنَّهَا تَطْلُقُ فِي حِينِ قَوْلِهِ ذَلِكَ قَالَهُ مَالِكٌ وَلَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى الطَّلَاقِ بِالشَّكِّ ؛ فَإِنَّ مَالِكًا لَمْ يُطَلِّقْ قَطُّ بِشَكٍّ، وَلَا يَرْفَعُ الشَّكُّ عِنْدَهُ الْيَقِينَ بِحَالٍ.
وَقَدْ جَهِلَ ذَلِكَ عُلَمَاؤُنَا، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي مَسَائِلِ الْفِقْهِ وَشَرْحِ الْحَدِيثِ، وَإِنَّمَا تَطْلُقُ عِنْدَ مَالِكٍ بِأَنَّ مَنْ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى أَجَلٍ آتٍ لَا مَحَالَةَ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ الْآنَ ؛ لِأَنَّ الْفُرُوجَ لَا تَقْبَلُ تَأْقِيتًا ؛ وَلِذَلِكَ أَبْطَلَ الْعُلَمَاءُ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ.
وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ : أَنْتِ طَالِقٌ فِي شَهْرٍ قَبْلَ مَا بَعْدَ قَبْلِهِ رَمَضَانَ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي جُزْءٍ مُنْفَرِدٍ، وَهَذَا الْقَدْرُ يَكْفِي هَاهُنَا.