الْآيَةُ الثَّانِيَةُ قَوْله تَعَالَى :﴿ فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ ﴾.
وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهَا فِي سُورَةِ الْوَاقِعَةِ عِنْدَ ذِكْرِنَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ إنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ لَا يَمَسُّهُ إلَّا الْمُطَهَّرُونَ ﴾ فَلْيَنْظُرْ هُنَالِكَ فِيهِ مَنْ احْتَاجَ إلَيْهِ هَاهُنَا.
وَقَدْ قَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ : إنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ :﴿ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ ﴾ يَعْنِي أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْقَاضِي : لَقَدْ كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ كِرَامًا بَرَرَةً، وَلَكِنْ لَيْسُوا بِمُرَادِينَ بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَلَا قَارَبُوا الْمُرَادِينَ بِهَا ؛ بَلْ هِيَ لَفْظَةٌ مَخْصُوصَةٌ بِالْمَلَائِكَةِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَلَا يُشَارِكُهُمْ فِيهَا سِوَاهُمْ، وَلَا يَدْخُلُ مَعَهُمْ فِي مُتَنَاوَلِهَا غَيْرُهُمْ.
رُوِيَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :﴿ مَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، وَهُوَ حَافِظٌ لَهُ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، وَمَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهُوَ يَتَعَاهَدُهُ وَهُوَ عَلَيْهِ شَدِيدٌ فَلَهُ أَجْرَانِ ﴾.
وَقَوْلُهُ :﴿ أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا ﴾ قَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي أَنَّهَا نَزَلَتْ وَأَمْثَالُهَا فِي مَعْرِضِ الِامْتِنَانِ، وَتَحَقَّقَ الْقَوْلُ فِيهَا.