سُورَةُ تَبَّتْ [ وَفِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ ].
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فِي سَبَبِ نُزُولِهَا : رَوَى الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ [ عَنْهُ ] قَالَ :﴿ لَمَّا نَزَلَتْ :{ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَك الْأَقْرَبِينَ ﴾ وَرَهْطَك مِنْهُمْ الْمُخْلَصِينَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى صَعِدَ الصَّفَا وَهَتَفَ : يَا صَبَاحَاهُ فَقَالُوا : مَنْ هَذَا ؟ فَاجْتَمَعُوا إلَيْهِ، فَقَالَ : أَنَا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ، أَرَأَيْتَكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلًا تَخْرُجُ مِنْ سَفْحِ هَذَا الْجَبَلِ، وَأَنَّ الْعَدُوَّ مُصْبِحُكُمْ أَوْ مُمْسِيكُمْ، أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ ؟ قَالُوا : مَا جَرَّبْنَا عَلَيْك كَذِبًا.
قَالَ : فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ.
فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ : أَلِهَذَا جَمَعْتنَا ؟ تَبًّا لَك، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ :﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ﴾.
إلَى آخِرِهَا }.
هَكَذَا قَرَأَهَا الْأَعْمَشُ عَلَيْنَا يَوْمَئِذٍ، زَادَ الْحُمَيْدِيُّ وَغَيْرُهُ :﴿ فَلَمَّا سَمِعَتْ امْرَأَتُهُ مَا نَزَلَ فِي زَوْجِهَا وَفِيهَا مِنْ الْقُرْآنِ، أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ عِنْدَ الْكَعْبَةِ، وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَفِي يَدِهَا فِهْرٌ مِنْ حِجَارَةٍ، فَلَمَّا وَقَفَتْ عَلَيْهِ أَخَذَ اللَّهُ بِبَصَرِهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ تَرَ إلَّا أَبَا بَكْرٍ.
فَقَالَتْ : يَا أَبَا بَكْرٍ، أَيْنَ صَاحِبُك ؟ فَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّهُ يَهْجُونِي، فَوَاَللَّهِ لَوْ وَجَدْته لَضَرَبْت بِهَذَا الْفِهْرِ فَاهُ، وَاَللَّهِ إنِّي لَشَاعِرَةٌ : مُذَمَّمًا عَصَيْنَا وَأَمْرُهُ أَبَيْنَا وَدِينُهُ قَلَيْنَا ثُمَّ انْصَرَفَتْ.
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمَا تَرَاهَا رَأَتْك ؟ قَالَ : مَا رَأَتْنِي، لَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ بِبَصَرِهَا عَنِّي ﴾
.
وَكَانَتْ قُرَيْشٌ إنَّمَا تُسَمِّي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُذَمَّمًا، ثُمَّ


الصفحة التالية
Icon