سُورَةُ الْعَلَقِ [ فِيهَا خَمْسُ آيَاتٍ ] الْآيَةُ الْأُولَى قَوْله تَعَالَى :﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّك الَّذِي خَلَقَ ﴾ : فِيهَا مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ.
الْقَوْلُ : فِي أَوَّلِ مَا نَزَلَ مِنْ الْقُرْآنِ، وَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ : الْأَوَّلُ : هَذِهِ السُّورَةُ ؛ قَالَتْهُ عَائِشَةُ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَغَيْرُهُمْ.
الثَّانِي : أَنَّهُ نَزَلَ ﴿ يَأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ﴾ ؛ قَالَهُ جَابِرٌ.
الثَّالِثُ : قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَوَّلُ مَا نَزَلَ مِنْ الْقُرْآنِ :﴿ قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ﴾.
الرَّابِعُ قَالَ أَبُو مَيْسَرَةَ الْهَمْدَانِيُّ : أَوَّلُ مَا نَزَلَ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ.
وَالصَّحِيحُ مَا رَوَاهُ الْأَئِمَّةُ وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ؛ قَالَتْ :﴿ كَانَ أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ فِي النَّوْمِ، فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حُبِّبَ إلَيْهِ الْخَلَاءُ، فَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءَ، فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ.
وَالتَّحَنُّثُ التَّعَبُّدُ اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إلَى أَهْلِهِ، وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ بِمِثْلِ ذَلِكَ، حَتَّى فَجِئَهُ الْوَحْيُ، وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ، فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ : اقْرَأْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجُهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ :{ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّك الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ﴾ إلَى قَوْلِهِ :﴿ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾.
فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفُؤَادُهُ يَرْجُفُ ؛ حَتَّى دَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ، فَقَالَ : زَمِّلُونِي، فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، فَقَالَ لِخَدِيجَةَ : أَيْ خَدِيجَةُ، مَا لِي ؟ لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي.
فَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ، فَقَالَتْ خَدِيجَةُ : كَلًّا، أَبْشِرْ.